كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 3)

فَقُلْتُ وَقَدْ تَلَاحَقَتِ المَطَايَا
كَذَاكَ القَوْلُ إِنَّ إِليْكَ عَيْنَا (¬1)
معناه: كف القول عنا. قال غيره: الصواب "كَذَاكَ" أي: كف.
قال: ويكون "كَذَاكَ" بمعنى: دون، في غير هذا. قال القاضي أبو الفضل: ويصح أيضًا أن يكون معناه: أن هذا الإلحاح في الدعاء والمناشدة، وأقل منه يكفيك، وانتصب "مناشدتك" بالمفعول بمعنى ما فيه من الكف والترك (¬2).
قوله في كتاب مسلم: "نَحْنُ نَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَنْ كَذَا وَكَذَا انْظُرْ أَيْ ذَلِكَ فَوْقَ النَّاسِ" (¬3) كذا في جميع النسخ، وفيه تغيير كثير أوجبه تحري مسلم في رواية بعض ألفاظه فأشكلت على من بعده فأدخل بينهما لفظة: "انْظُرْ" التي نبه بها على الإشكال، وظن أنها من الحديث، والحديث إنما هو: "نَحْنُ نَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى كوْمٍ فَوْقَ النَّاسِ" على ما في بعض الحديث (¬4)، فجاء من لم يفهم الغرض وظنه كله من الحديث فضم بعضه إلا بعض، وقد ذكره ابن أبي خيثمة: "تُحْشَرُ أُمَّتِي
¬__________
(¬1) البيت لجرير، ووقع في النسخ الخطية: (عنَّا)، وأظن المصنف تعمد كتابتها على هذا النحو، وفهم أن القاضي عنى ذلك؛ بدليل قوله بعد: معناه: كف القول عنا. فعبارة القاضي: أي: كف. وانظر: "العين" 8/ 195، و"الخصائص" 3/ 37.
(¬2) "المشارق" 1/ 338.
(¬3) مسلم (191) من حديث جابر.
(¬4) رواه هكذا: أحمد في "المسند" 3/ 345، والطبراني في "الأوسط" 9/ 38 (9075) من حديث جابر أيضًا.

الصفحة 348