كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 3)

الترمذي (¬1)، وعند العذري: "مَقْرُومٌ" مكان: "مَكْرُوهٌ" أي: مشتهًى، يدل عليه ما في البخاري: "هذا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ" (¬2)، يقال: قرمت اللحم فهو مقروم، وقرمت إلى اللحم فهو مقروم إليه، قاله أبو مروان.
ومعنى الرواية الأولى (¬3) أن هذا يوم يكره فيه ذبح شاة للحم خاصة بل للنسك، وليس عندي إلاَّ شاة لحم لا تجزئ عن النسك (¬4)، فكيف أصنع؟ وهذا التأويل كان يرجحه أبو عبد الله محمَّد بن سليمان النحوي شيخنا رحمه الله وضبطه بعض الرواة: "اللَّحَمُ" بفتح الحاء، أي: الشهوة إلى اللحم، والشوق إليه، والمحبة فيه دون وجوده والتمكن منه شديد على العيال؛ فإنه يوم جرت العادة فيه بأكل اللحم، فتَرْك الذبح في هذا اليوم وبقاء العيال بلا لحم (¬5) ضحية مع شهواتهم له مكروه، أي: شديد. واللحِم (¬6) بكسر الحاء: الذي يكثر أكل اللحم، والذي يشتهيه أيضًا، وبفتحها مصدر لحم إذا اشتهى اللحم.
قوله: "وَخَلَقَ اللهُ المَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ" كذا في مسلم (¬7)، وفي "الدلائل" لثابت: "التِّقْنَ" مكان: "الْمَكْرُوهَ" و"التِّقْنَ": الأشياء التي يقوم بها المعاش وصلاح الأشياء كجواهر الأرض وغير ذلك. وقال غيره:
¬__________
(¬1) "سنن الترمذي" (1508).
(¬2) البخاري (954) من حديث أنس، وهو أيضًا في مسلم (1962).
(¬3) ساقطة من (س).
(¬4) في (س): (اللحم).
(¬5) من (ظ).
(¬6) ساقطة من (س).
(¬7) مسلم (2789) من حديث أبي هريرة.

الصفحة 356