كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 3)

اللام مع الباء
قوله: "لَبَّيْكَ" (¬1) هو تثنية، ومعناه: إجابة لك بعد إجابة، تأكيدًا، كما قالوا: حنانيك، ونصب على المصدر، هذا مذهب سيبويه (¬2)، ومذهب يونس أنه اسم غير مثنى (¬3)، وأن ألفه انقلبت ياءً لاتصالها بالضمير مثل لَدَيَّ وعَلَيَّ، وأصله: لبب من لبَّ بالمكان وألب به إذا أقام. وقيل: معناه: قربًا منك وطاعة لك (¬4)، فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات فأبدلوا الثالثة ياءً، كما قالوا: تظنيت من تظننت، ومعناه: إجابتي لك يا رب لازمة. وقال الحربي: الإلباب: القرب. وقيل: الطاعة والخضوع، من قولهم: أنا ملب بين يديك، أي: خاضع. وقيل: اتجاهي لك وقصدي، من قولهم: داري تَلُبُّ دارك، أي: تواجهها. وقيل: محبتي لك يا رب، من قولهم: امرأة لبة إذا اشتد حبها لولدها. وقيل: إخلاصي لك يا رب، من قولهم: حسب لباب، أي: محض.
وفي الحديث: "لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ (¬5) " (¬6) أي: جمعت عليه ثوبه عند لبته، وهو صدره، بتشديد الباء وتخفيفها، والتخفيف أعرف، و"اللَّبَّةُ": المنحر، ومنه: " الذَّكَاةُ فِي اللَّبَّةِ والْحَلْقِ" (¬7)، و"طَعَنَ في لَبَّاتِهَا" (¬8)،
¬__________
(¬1) "الموطأ" 1/ 331، البخاري (1549)، مسلم (1184) من حديث ابن عمر.
(¬2) انظر "الكتاب" 1/ 348 - 349.
(¬3) من (ظ)، وفي (س، د، أ): (مسمى).
(¬4) من (أ).
(¬5) في (س): (بردائي).
(¬6) "الموطأ" 1/ 201، البخاري (2419)، مسلم (818) عن عمر بن الخطاب.
(¬7) البخاري قبل حديث (5510).
(¬8) "الموطأ" 1/ 378 عن عبدالله بن دينار يعني: عبدالله بن عمر، بلفظ: "طَعَنَ فِي لَبَّةِ بَدَنَتِهِ".

الصفحة 411