كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 3)

الدال والهاء
قوله - عليه السلام -: "لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ الله هُوَ الدَّهْرُ" (¬1)، "الدَّهْرُ": مدة بقاء (¬2) الدنيا. وقيل: إنه مفعولات الله - سبحانه وتعالى -. وقيل: فعله كما قال: "إِنِّي أَنَا المَوْتُ" (¬3).
ومعنى الحديث: فإن مصرف الدهر وموجد أحداثه هو الله تعالى، أي: أنا الفاعل لذلك. قال بعضهم: وقد يقع الدهر على بعض الزمان، يقال: أقمنا على كذا دهرًا، أي: مدة، كأنه تكثير طول المقام، ولهذا اختلف فيمن حلف ألا يكلم فلانًا دهرًا أو الدهر، هل هو متأبد؟ وأما في الرواية الأخرى: "فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ" (¬4) روي بالرفع والنصب، وهو أكثر على الظرف. وقيل: على الاختصاص، وأما الرفع فعلى التأويل الآخر، وذهب بعض من تكلم في العلم ممن لا تحقيق عنده إلى أنه اسم من أسماء الله تعالى، ولا يصح.
قوله: "الْمُدْهِنُ" (¬5) هو المصانع والغاش، وهو المداهن، والادّهان: المصانعة واللين في الحق.
¬__________
(¬1) مسلم (5/ 2246) من حديث أبي هريرة، وهو في "الموطأ" 2/ 984 بلفظ: "لَا يَقُلْ أَحَدُكمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنَّ الله هُوَ الدَّهْرُ"، وفي البخاري (6182) بنحوه.
(¬2) من (س).
(¬3) لم أجده.
(¬4) مسلم (2246/ 3).
(¬5) البخاري (2686) من حديث النعمان بن بشير.

الصفحة 51