كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 3)
وجه الاستدلال:
ظاهر حديث: نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السلع أنه حجة لمن جعل الطعام وغيره سواء، لا يجوز بيعه حتى يقبض.
ويجاب:
بأن المحفوظ من لفظ الحديث ليس فيه النهي عن بيع السلع على وجه العموم، وإنما الحديث نص في النهي عن بيع الزيت قبل استيفائه، ويقاس عليه كل مكيل، أو كل مطعوم مكيل بخلاف غير المكيل مما اشتري جزافًا فلا يشمله الحديث، والله أعلم.
"قال ابن عبد البر: يحتمل أحسن يكون أراد السلع المأكولة والمؤتدم بها؛ لأن على الزيت خرج الخبر .... ويحتمل أن يكون اشتراه جزافًا بظرفه، فحازه إلى نفسه، كما كان في ذلك الظرف قبل أن يكيله، أو ينقله، والدليل على ذلك إجماع العلماء على أنه لو استوفاه بالكيل، أو الوزن إلى آخره، لجاز له بيعه في موضعه ... أو يكون لفظًا غير محفوظ في هذا الحديث ... " (¬١).
---------------
= إسحاق ابن حازم، عن أبي الزناد به، قال: بنحوه -أي بنحو لفظ جرير بن حازم، والواقدي متروك.
فتبين بهذا أن أحمد بن خالد قد تفرد بذكر السلع، فلا أراها محفوظة في الحديث، وقد رواه الطحاوي في مشكل الآثار (٣١٦١) عن علي بن شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمَّد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن تباع السلع حيث تشترى، حتى يحوزها التاجر الذي اشتراها إلى رحله، وإن كان ليبعث رجالًا فيضربوننا على ذلك.
وهذا الطريق وإن كان فيه ذكر السلع إلا أن الراوي له علي بن شيبة قد خالف في إسناده، حيث جعله من حديث محمَّد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر. ولم يجعله من مسند زيد بن ثابت. وهذا غير محفوظ، والله أعلم.
(¬١) التمهيد (١٣/ ٣٤٣).
الصفحة 22
536