كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 3)

الوزن، بدليل اللفظ الثاني للحديث نفسه، من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه، والاستيفاء: هو الكيل أو الوزن كما تقدم الاستدلال على ذلك.

الدليل الثاني:
(ح-١١٦) ما رواه البخاري من طريق يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله أن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: لقد رأيت الناس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتاعون جزافا -يعني الطعام- يضربون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم (¬١).
وجه الاستدلال من هذا الحديث كوجه الاستدلال من الحديث السابق، بل تضمن زيادة أخرى، وهو النص على أن الطعام كان جزافًا، أي ليس مكيلاً، ولا موزونًا، فإذا كان الجزاف لا يجوز بيعه حتى ينقله المشتري فغيره من باب أولى.

وأجيب:
بأنه سبق مناقشة هذا الحديث، وبيان أن المنع من بيعه ليس بسبب كونه طعامًا، ولا بسبب كونه جزافًا، وإنما الحديث نص في النهي عن تلقي السلع، وأن الغاية في النهي حتى يبلغ به سوق الطعام، والله أعلم.

الراجح من الخلاف:
هذه المسألة من مسائل المعاملات الشائكة، والأدلة فيها متقابلة، والترجيح في مثلها قد يتمكن منه الباحث، وقد لا يسعه إلا التوقف فيها، ويترك الترجيح للقارئ الكريم، وقد قال ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى عند الكلام على هذه
---------------
(¬١) صحيح البخاري (٢١٣٧)، ورواه مسلم (١٥٢٧).

الصفحة 48