كتاب التعليقة الكبيرة في مسائل الخلاف علي مذهب أحمد (اسم الجزء: 3)

وأما حصول الضرر بانتزاع النوى من التمر، فلا يوجب فساد البيع؛ لأن النقص الذي يدخل بذلك قد رضي به، فهو كما يبيع أحد مصراعي الباب، وأحد زوجي الخف؛ فإنه يصح، وإن كان يدخل بذلك النقص في ما لا يبيعه.
وقياس آخر، وهو: أن من يجيز هذا البيع أثبت فيه خيار الرؤية، وذلك خيار مجهول لم يوجبه نقص، ولا يتعلق بكل بيع، فأبل العقد المتضمن له، كما لو قال رجل لرجل: بعتك هذا الثوب على أن لي الخيار متى شئت.
ولا يلزم عليه خيار الرد بالعيب؛ لأنه يوجبه نقص.
ولا يلزم عليه خيار المجلس؛ لأنه يثبت في كل بيع.
فإن قيل: كيف يصح هذا على أصلكم؟ وقد قال أحمد في رواية ابن منصور في رجل اشترى شيئًا، وهو فيه بالخيار، ولم يسم إلى متى: فله الخيار أبدًا، أو يأخذه.
قيل له: المذهب الصحيح: أن هذا خيار باطل، وقد نقله ابن منصور عنه في موضع آخر في الرجل يبيع بشرط، ولا يسمي أجلًا: أي شيء يكون إذا سمي، فهو أحسن.
فإن قيل: المعنى هناك: أن الخيار ثبت شرطًا، وهاهنا ثبت حكمًا، فلا تؤثر الجهالة فيه بدلالة الخيار الرد بالعيب، وخيار المجلس.
قالوا: ويبين صحة هذا: أن الخيار، كالأجل.

الصفحة 13