كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

وكان مُقرِئًا عارفًا بوجوهِ القراءات محدِّثًا عَدْلًا فقيهًا حافظًا متكلِّمًا، وله رسالةُ "البيان في مَن أفطَرَ في يوم من أيام رَمَضان، وهل يستديمُ الصّومَ بقيّةَ اليومِ أو لا؟ " دَلَّت على مكانِهِ من الفَهْم، والتصرُّفِ في فنونٍ من العلم.

995 - غِربِيبُ (¬1) بن عبد الله الثَّقَفِيُّ، سكَنَ طُلَيْطُلة، أبو عبد الله.
كان أديبًا شاعرًا مُحسِنًا، ذكيًّا ثاقبَ الفِطنة، زاهدًا معروفَ الفَضْل، ويقال: إنّ الذي أخرَجَه من قُرطُبةَ وقوعُه في أُمرائها وإعلانُه بتجويرِهم. ومن شعرِه (¬2) [الوافر]:
يُهدِّدُني بمخلوقٍ ضعيفٍ ... يَهابُ من المنيَّةِ ما أهابُ
وليس إليه مَحْيا ذي حياةٍ ... وليس إليه مَهْلِكُ مَنْ يصابُ
لهُ أجَلٌ ولي أجلٌ وكلٌّ ... سيَبلُغُ حيث يُبْلِغُه الكتابُ
ومايَدري لعلَّ الموتَ منهُ ... قريبٌ أيُّنا قَبْلُ المصابُ
لعَمْرُكَ ما يَرُدُّ الموتَ حِصنٌ ... إذا جاء الملوكَ ولا حِجابُ
لعَمْرُك إنّ مَحْيايَ ومَوْتي ... إلى مَلِكٍ تذِلُّ له الصِّعابُ
إلى مَلِكٍ يُدوِّخُ كلَّ مَلْكٍ ... وتخضَعُ من مَهابتِه الرِّقابُ
ومنه [من الرمل]:
أيُّها الآمِلُ ما ليسَ لهُ ... طالما غَرَّ جَهولًا أمَلُهْ
رُبَّ مَنْ باتَ يُمَنِّي نَفْسَهُ ... خانَهُ دونَ مُناهُ أَجَلُهْ
¬__________
(¬1) ترجمه ابن حيان في المقتبس 76 (مكي)، والحميدي في جذوة المقتبس (756)، والضبي في بغية الملتمس (1281)، وابن الأبار في التكملة (3016)، وابن سعيد في المغرب 2/ 23، والمقري في نفح الطيب 4/ 332.
(¬2) الأبيات في كثير من مصادر ترجمته.

الصفحة 437