كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

ولاحَ لنا أُحُدٌ مُشْرِقًا ... بنُورٍ من الشهداءِ استنارا
فمِن أجلِ ذلك ظلَّ الدُّجَى ... يُحلُّ عقودَ النجوم انتثارا
ومِن ذلك التُّرْبِ طابَ النَّسيـ ... ـم نَشْرًا وعمَّ الجَنابَ انتشارا
ومنْ طَرَبِ الرَّكْبِ حَثَّ الخُطا ... إليها ونادى: البِدَارَ البِدارا
ولمّا حَلَلْنا فِناءَ الرسولِ ... نزَلْنا بأكرمِ خَلْقٍ جِوارا
وحين دنَوْنا لفَرْضِ السلامِ ... قَصَرْنا الخُطا ولزِمْنا الوَقارا
فما نُرسلُ اللَّحظَ إلّا اختلاسًا ... ولا نرفَعُ الطَّرْفَ إلّا انكسارا
ولا نُظْهِرُ الوَجْدَ إلا اكتتامًا ... ولا نلفُظُ القولَ إلّا سِرارا
سوى أنّنا لم نُطِقْ أعيُنًا ... بأدمُعِها غلَبَتْنا انفجارا [182 و]
وقَفْنَا برَوْضتِهِ للسّلامِ (¬1) ... نُعيدُ السلامَ عليه مِرارا
ولولا مَهابتُهُ في النفوسِ ... لَثَمْنا الثَّرى والتزَمْنا الجِدارا
قضَيْنا بزَوْرتنا حَجَّنا ... وبالعُمَرينِ (¬2) ختَمْنا اعتمارا
إليكَ إليكَ نبيَّ الهُدى ... ركِبتُ البحارَ وَجُبْتُ القِفارا
وفارَقْتُ أهلي ولا مِنَّةٌ ... ورُبَّ كلامٍ يجُرُّ اعتذارا
وكيف نمُنُّ على مَن بهِ ... نُؤَمِّلُ للسيِّئاتِ اغتفارا
دَعاني إليكَ هوً ى كامنٌ ... أثارَ منَ الشوقِ ما قد أثارا
فنادَيْمتُ: لبَّيْكَ داعي الهوى ... وما كنتُ عنكَ أُطيقُ اصطبارا
ووطَّنْتُ نَفْسي لحُكْم الهوى ... عليَّ وقلتُ: رَضِيتُ اختيارا
¬__________
(¬1) في الإحاطة: "بروضة دار السلام".
(¬2) في الإحاطة: "وبالعمرتين"؛ والعمران: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

الصفحة 510