كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

أَخُوضُ الدُّجَى وأَرُوضُ السُّرى ... ولا أطْعَمُ النومَ إلّا غِرارا
ولو كنتُ لا أستطيعُ السَّبيلَ ... لَطِرتُ ولو لم أُصادِفْ مَطارا
وأجدَرُ مَن نال منكَ الرِّضا ... مُحِبّ ذَراك على البُعدِ زارا
عسى لحظةٌ منكَ لي في غدٍ ... تُمَهِّدُ لي في الجِنانِ القرارا
فما ضَلَّ مَنْ بهُداكَ اهتدَى ... ولا ذلَّ مَنْ بِذَراكَ استجارا
ولم يزَلْ دَأْبُه تمنِّيَ الحجِّ إلى بيتِ الله الحَرام وزيارر قبرِ المصطفى عليه أفضلُ الصّلاة والسلام؛ وفي ذلك يقول (¬1) [المتقارب]:
هنيئًا لمَن حَجَّ بيتَ الهدى ... وحَطَّ عنِ النفسِ أوزارَها
وإنَّ السعادةَ مضمونةٌ ... لمَن حَلَّ طَيْبَةَ أو زارها
وفي مثلِه يقولُ (¬2) [المتقارب]:
إذابلَغَ المرءُ أرضَ الحجازِ ... فقد نالَ أفضلَ ما أمَّلَهْ
وإنْ زار قبرَ نبيّ الهدى ... فقد أكملَ اللهُ ما أمَّ لهْ
وله في هذا المعنى كلامٌ كثيرٌ نَظْما ونثرًا، وسيأتي بعضُ ذلك.
ومنه مقالةٌ سَمَّاها: "رسالةَ اعتبارِ الناسِك في ذكْرِ الآثارِ الكريمةِ والمَناسِك" كتَبَ بها إلى وَليِّه أبي الحَسَن بن مَقَصَيْر من فاسَ عند عودتِه إلى المشرِق في ذي قَعْدةِ ثلاث وتسعينَ وخمس مئة. [182 ظ] ولمّا قَفَلَ من هذه الحَجّة ولاحَتْ له وهو على ظهرِ البحرِ جبال داييةَ من جزيرةِ الأندَلُس قال (¬3) [البسيط]:
لي نحوَ أرضِ المُنى منْ شَرْقِ أندَلُسِ ... شَوْقٌ يُؤَلّفُ بينَ الماءِ والقَبَسِ
¬__________
(¬1) مقدمة الرحلة (8)، والإحاطة 2/ 236.
(¬2) المصدران السابقان، والنفح 2/ 488.
(¬3) مطلعها في مقدمة الرحلة (20)، والنفح 2/ 489.

الصفحة 511