كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

فعُرِف بالعَدْل والنَّزاهة ووَطْأةِ الأكناف ولِين الجانبِ حتّى يقالُ: إنه ما سَجَنَ مُدّةَ قضائه أحدًا. وخَطَبَ بجامع بلدِه دهرًا طويلًا، وترَدَّد على حضرةِ مَرّاكُشَ مِرارًا، موفَدًا مبرورًا خَطيبًا (¬1) عندَ الأمراءِ بها مَقْضيَّ المآرِب.
وبعدَ الطارئ على أبي مَرْوانَ أحمدَ ابن شقيقِه أبي عُمرَ محمد -حَسْبَما تقَدَّمتِ الإشارةُ آنفًا إليه- عَزَم على الحجِّ، فباع جُلَّ أملاكِه بداخِل إشبيلِيَةَ وخارجَها، وفَعَلَ في سائرِها ما اقتضاهُ نَظره من تصييرٍ وتحبيس وصَدَقة وغيرِ ذلك من الوجوه، محُصِّنًا ذلك كلَّه بالإشهادِ عليه، وفَصَلَ من إشبيلِيَةَ يومَ [....] (¬2) لثمانٍ خَلَوْنَ من ربيعٍ الآخِر سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة قاصدًا سَبْتةَ من بَرِّ العُدوة، وأقلَعَ منها في مَرْكَب رُوميٍّ يوم الأربعاء، لسَبْع خَلَوْنَ من محرَّم أربع وثلاثينَ وست مئةٍ سائرًا معَ العوالي من بَرِّ الأندَلُس إلى مالَقةَ إلى المُنَكَّب إلى المَرِيّة إلى قَرْطاجَنَّةَ إلى لَقَنْتَ، وفارَقَ بَرَّ الأندَلُس إلى جزيرةِ يابِسةَ إلى جَزيرةِ مَيُورْقَةَ، فدَخَلَ مَرْساها ليلةَ الخميس الثالثةِ والعشرينَ من محرَّمٍ المذكور، وأقلَعَ منه ليلةَ الخميس التالي لها إلى جزيرةِ قَبْرَيْرةَ، فباتَ بها ليلةَ الجُمُعة، وأقلَعَ منها صُبحَ يوم الجُمُعة إلى مَرْسَى سَرْدانِيَةَ، فدَخَلَه يومَ الثلاثاءِ لأربعٍ خَلَوْن من صَفَر، وأقلَعَ منه يومَ الخميس لستٍّ خَلَوْنَ من صَفَر إلى صِقِلِّيَةَ، فجاوَزَها، ثم رَدَّته الرِّيحُ إلى مَرْسَى سرقُوسةَ: إحدى مُدُنِ الجزيرة، فدَخَلَه ليلةَ الأربعاءِ الثانيةَ عشْرةَ من صَفَر، وأقام به إلى عَشِيّة يوم السّبت لسبعٍ خَلَوْنَ من ربيعٍ الأوّل، ونَزلَ إلى سرقُوسةَ وأقام بها من ليلة الأحدِ الثامنةِ من ربيع الأوّل إلى يوم الاثنينِ لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من جُمادى الآخِرة، وانتَقلَ إلى المركَب وأقام به رَيْثما تُساعدُه الريحُ على سَيْرِه، فأقلَعَ منها يومَ الأربعاءِ إلى جزيرةِ إقرِيطِشَ في ثمانيةِ أيام، ثُم إلى جَزيرةِ قُبْرُصَ في خمسةِ أيام، ثُم إلى عَكّا في ثلاثة أيام،
¬__________
(¬1) كذا ولعلها "حظيًّا".
(¬2) بياض في النسخ.

الصفحة 583