كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

وحُمِلَ الفقيهُ على تلك الحالة وقتَ صَلاة العصرِ إلى المُصَلَّى بالشَّريعة، وسِيرَ به سَيْرًا حَثيثًا، فاستَبَقَ الناسُ إليه، فمنهم مَن يَرمي إليه عِمامتَه فإذا وصَلتْ إلى النَّعش وجَذَبَها اشتَركَ ناسٌ معه فيها فلا يبقَى لهُ منها إلّا قَدْرُ ما يُمسِكُ بيدِه، ومنهم من يُرسِلُ رداءَه فيَجري الحالُ فيه على ذلك، وصُلِّي عليه هنالك مرّة ثانيةً في جَمعْ عظيم، ثُم سِير به كذلك إلى مَدفِنةٍ بالقَرافةِ حيث قُبورُ الصّالحينَ والفُضَلاء، وإذا جماعةٌ كبيرةٌ من كُبَراءِ الناس وأعلامِهم ينتظرونَه هنالك، لم يكونوا صَلَّوْا عليه، فقالوا: لا بدَّ أن نُصلِّي عليه قبلَ دَفنِه، فصَلَّوْا عليه وهُو بشَفيرِ القَبْر مرّةً ثالثة، ووُريَ في قبرِه بمقبُرة الشُّهداءِ المنسوبة إلى سارِيَةَ، واختَطفَ الناسُ ترابَ قبرِه مرّةً ثم ثانيةً ثم ثالثة، وأقبَلَ عليهمُ اللَّيلُ وانفَصَلوا عنه، فلمّا كان من الغَدِ أصبح قبرُه مَبْنيًّا كأحسنِ ما يُبنَى من القبور، فتساءل الناسُ عمّن بناه، فلم يَجِدوا عنه مُخبِرًا، وجعَلَ حفيدُ أخيه وأصحابُه عندَ رأسِه تاريخًا. وكانت وفاتُه ليلةَ الجُمُعة الثامنةِ والعشرينَ من جُمادى الأولى من عام خمسةٍ وثلاثينَ وست مئة، ومولدُه بإشبيلِيَةَ سنةَ أربع وستينَ وخمس مئة.

1299 - محمدُ بنْ أحمدَ بن عبد الملِك بن عيسى اليَحصُبيّ.
له إجازةٌ من أبي عُمرَ بن عبد البَرّ.

الصفحة 587