كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

يات، أقمتها مقامَ الرسالةِ، وإن لم تكنْ ذاتَ جَزالة، فإنّكَ تصلُ إلى مفهومِها، من منظومِها، وتقِفُ على المعنى المودَع فيها، من قَوافيها، وهي [الوافر]:
أَتاكَ الشِّعرُ قد حُشِرَتْ جنودُهْ ... يؤمُّكمُ وقد نُشِرَتْ بُنُودُهْ
بكلِّ مُدجَّج بطلِ كَمِيٍّ ... جَريءِ القلبِ يَسْتُرُهُ حديدُهْ
مُعَسْكَرُهُ تضِلُّ البُلْقُ فيهِ ... يَشيبُ لهولِهِ منهُ وليدُهْ
ولكنْ لا تُرع فالكل سَلْمٌ ... إليكَ مُسَلَّمٌ: يدُهُ وجِيدُهُ
وبعدُ اسمَع أَقُلْ ولرُبَّ قولِ ... تُسَكِّتُهُ وآخرَ تستعيدُهْ
تُجمِّعُنا نقولُ الشعرَ يومًا ... وما نَبْغي سوى ما نَسْتَفيدُهْ
فذيَّلْنَا لكم بيتًا كَسَتْهُ ... عُلاكَ حُلًى وزانَتْهُ بُرودُهْ
وكلٌّ يَدَّعي أنَّ المُعَلَّى ... لهُ والسَّبقُ أحرَزَهُ قصيدُهْ [22 و]
فقدَّمناكَ للتمييزِ فاحكُم ... بحُكمِكَ إنَّ حُكمَكَ نستجيدُهْ
فأنتَ إمامُ أهلِ الشِّعرِ طُرًّا ... بإجماعِ الوَرَى وهمُ عَبيدُهْ
وأنت نَسيجُ وَحدِكَ لا تُبارَى ... وأنت فريدُ عصرِكَ بل عميدُهْ
وهذي الخيلُ قد عُرِضَتْ فعَرِّبْ ... وهجِّنْ، لا يُفَنَّدُ ما تريدُهْ
وضَغ وارفع وقُلْ تُسْمع ومَن لم ... يُطِع يُقْطَع بأمرِكمُ وَريدُهْ
أدام اللهُ لك العافية، لمّا كان الشعرُ المُذَيَّلُ على غير هذه القافية، أردتُ أن تكونَ قافيةُ شعرِ هذه الرسالةِ كتلك، فقلتُ ولله المُلك [الوافر]:
تذاكَرنا القَريضَ وقائليهِ ... لِنَعلَمَ فرعَهُ ونَرى نِجَارَهْ
فقالوا: الشِّعرُ سهلٌ، قلتُ: كلّا ... أرُوني مِن صُدورِكُمُ انفجارَهْ
حسِبتمْ أنّ حَوْكَ الشّعرَ مِثلُ الـ ... ــــــــحِيَاكةِ والخياطةِ والنِّجارهْ

الصفحة 64