كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

يا سيِّدي [المتقارب]:
لك الفَضلُ بَيِّنْ لنا مَن أصابَ ... طَريقَ الصّوابِ ومَن أَخْطأَ
ومَن كان في السَّيرِ مستعجِلًا ... ومَن سارَ قَصْدًا ومَن أَبْطأَ
ومَن نَخْلُ بُستانِه أثمرَتْ ... ومَن زَرْعُ فَدَّانِهِ أشْطَأَ
فكلٌّ يَرى أنّ أرضَ القَريضِ ... بِخَيْلِ الإصابةِ قد أَوْطَأَ
أدام اللهُ عرَّك، هذه الأخبارُ لم يزَلْ أهلُ الآدابِ يَستطرفونَها قديمًا وحديثًا، وَيسيرونَ إليها سَيْراً حثيثًا، وأنت -وفَّقَك الله- وإن كنتَ قد ترَكْتَ هذه الطريقة، وسلَكْت سُبُلَ الجِدِّ والحقيقة، فلكَ -والحمدُ لله- بإخوانِكَ اهتمام، ولا سيَّما بمَن بينَك وبينَه أيُّ ذِمام. وأيضًا، فللكِتاب جَواب، وهو في اللِّزام كردِّ السلام، فلا يَثقُلْ عليك -أتمَّ اللهُ نِعمَهُ لديْك- وأجِبْ بما تيسَّرَ وخَفّ، فقد مدَننا إليك كلَّ
مقلةٍ وكفّ، والسلامُ عليكَ ورحمةُ الله وبَركاتُه.
فأجابَه الفقيهُ أبو محمدٍ رضيَ اللهُ عنه [23 ظ]: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، صَلّى اللهُ على (¬1) محمدٍ وعلى آلِه وسلَّم تسليمًا [مشطور الرجز]:
إنَّ خليلًا ليَ مِن قُضاعَهْ ... ذَكَّرني أيّاميَ المُضَاعَهْ
إذِ الهوى واللَّهوُ لي بِضاعَهْ ... مَهْلًا فذاكَ الدَّرُّ قد أضاعَهْ
خِلُّكَ لم يَستَدِمِ ارتضاعَهْ
أيها الفاضلُ الحَسِيب، إلى متى هذا التغزُّلُ والنَّسيب؟ ألم تَنْفَد أيامُ الجهل؟ ألم يَعُدِ الفتى كالكَهْل؟ أمَا والله، لقد أحاطتْ بالرِّقابِ السلاسل (¬2)،
¬__________
(¬1) في م: صلى الله على سيدنا ومولانا.
(¬2) نثر قول أبي خراش الهذلي:
وليس كعهد الدار يا أم مالك ... ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل ... سوى العذل شيئًا واستراح العواذل

الصفحة 68