كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

فهذه بَلِية، زائدةٌ على المَنِيّة، وعنترةُ يقول (¬1) [الكامل]:
إنَّ المنيةَ لو تُمَثَّلُ مُثِّلَتْ ... مِثْلي إذا نَزَلوا بِضنْكِ المنزلِ
فهذا يزعُمُ أنه يُشبِهُ الموت، وبينَه وبينَ مَن يستجيرُ منهُ الرَّدى فَوْت، وإن صحَّ دعواه، عندَ مَن يهواه، جَنَتْ يُمناه، ثَمرَ مُناه، ولعلّه -واللهُ يغفرُ له- يُنشِدُ إذا التقَى الصَّفّان، وتَدانَى الصِّنفان، ونَظَرَ إلى سَرَعانِ الخيل، وعاد النهارُ كالليل [السريع]: [24 ظ]
لستُ على القِرنِ بعَطَّافِ ... ولا لدى الحربِ بوَقّافِ
لكنَّني أهرُبُ مستعجِلًا ... لو رُبِطَت رِجلي إلى قافِ
[الطويل]:
ويُنشِدُ والحَرْبُ العَوَانُ كأنّها ... منَ الهوْلِ بحرٌ في تدافُعِه طَمَا:
(وقالوا: تَقَدَّمْ، قلتُ: لستُ بفاعلِ ... أخافُ على فَخَّارتي أن تَحَطَّما) (¬2)
ثم حَكَى قَصِيرا حين رَكِبَ العَصَا (¬3)، وقال: اللهمَّ اغفِر لمَن عصَى.
وحبَّذا القائلُ [الوافر]:
شريفُ الحُبِّ ليس يريدُ وَصْلًا ... سوى لَثْمٍ فَصِلْ فيه نجارَهْ
هذا رجلٌ يَرجِعُ إلى عَفاف، ويقنَعُ بكَفاف، سَلَكَ في هواهُ أحمدَ طريقِه، وقنِعَ ممّن يَهواهُ بمَجّة رِيقِه، ليس الغِسْل (¬4)، الطالبِ للنَّسْل، وإذا تمادتِ العلّة،
¬__________
(¬1) من ديوانّه: 58 (ط. صادر - بيروت).
(¬2) البيت لأي دلامة، قاله حين دعاه أبو مسلم لمبارزة أحد الفرسان. (انظر الأغاني 10/ 280 ط. دار الثقافة).
(¬3) قصير هو صاحب جَذيمة المضروب به المثل: "لا يطاع لقصير أمر"، والعصا: فرس جذيمة.
(¬4) الغِسْل: الكثير الضراب.

الصفحة 71