كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

ثم نعودُ إلى استغفارِ الملِك الغَفّار، فإنّ رحمتَه واسعة، وعن المُحسِنين غيرُ شاسعة، اللهمَّ اجعَلْنا من عِبادِك المُحسِنين، واغفِز لنا ما أجرَمنا في سالفِ السِّنين، واستعمِلْنا بطاعتِكَ بَقيّةَ أعمارِنا، وأصلِحنا في إعلانِنا وإضمارِنا، إنّك كريمٌ رحيم.
أعزَّك الله، ربّما كان في كلامي بعضُ دُعابة، لم أذهبْ بها إلى مَعَابة، فلك الفَضْلُ في بَسْطِ العُذْرِ لدَيْهم، وإيصالِ التحيّة إليهم، ثم السلامُ الأتَمّ، الأعمُّ الاكرم، على أخي ووَليِّي في الله الفقيه الأجَلِّ أبي الحَجّاج، ورحمةُ الله وبرَكاتُه.
ونَظَمَ أبو الحَجّاج ابنُ الشيخ -رحمه اللهُ- أربعةَ أبيات التزمَ في كلِّ بيتٍ منها كافًا دون تَكرار، وجعَلَها بخمسةِ القوافي بلفظِ وَكَفَ، وبَعَثَ بالقوافي مسَطَّرةً دونَ الأبيات إلى الخَطيب أبي محمد عبد الوهّاب بن عليّ رحمه الله، وسألَه أن يَبْنيَ على تلك القوافي، وقَدَّمَ بينَ يدَيْ ذلك خمسةَ أبياتٍ أقامَها مقامَ الرسالة ولم يلتزم الكافَ في هذه الأبياتِ الخمسة إلّا في آخِرِ بيتٍ منها حسْبَما تراه، وهي [المتقارب]:
أيا مَنْ له بالمعالي كَلَفْ ... ومَنْ وَجْهُهُ البدرُ لا بالكَلَفْ
أجِزْ ذا الكلامَ وسُقْ كلَّ لفظٍ ... بكافٍ وبعدُ احتمِلْ ذي الكُلَفْ
كلامٌ فصيحٌ وخَطْبُ فسيحٌ ... بنقسٍ كقارٍ وطِرسٍ كَلِفْ
وإياكَ تَكرارَ ما سُقْتُهُ ... فتُلفَى كحَطَّابةِ النشّوكِ لَفْ
ولكنْ كلامًا كذا كُلُّهُ ... بكافٍ وكنْ بالكمالِ كَلِفْ
فأجابَه أبو محمدٍ رحمهما الله:
سلامٌ كريمٌ عَميم، على أخي ووَلِيِّي في الله تعالى، الفقيه الحاجِّ أبي الحَجّاج. كتبتُ، وأنا مجِلُّ قَدْرِكم العَليّ، عبد الوهّاب بن عليّ، بعدَ أنْ وافاني كتابُكُم الكريم، وأنا أُحاولُ أنْ يَبْتنيَ على زَوْجِهِ وَلَدي عبدُكُم وَيرُوم، فكتبتُ ما تَسَنَّى، وأرى أنَّا ما أحسنَّا؛ لأنّي رأيتُكَ كثيرَ الفِرَار، ممّن أخَذ في القوافي بالتَّكرار، ولم يَلُكْ كلامَه ذلك اللَّوْك، وكان كحصَّادٍ لَفَّ معَ السُّنْبُلِ الشَّوْك،

الصفحة 73