كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 3)

في ما دخَلَ فيه فامتَنعَ أبو محمد من ذلك. وكان يُحدِّثُ أنه ألفَى طلَبةَ العلم عندَ أبي جعفر هذا مُتقلِّدي السُّيوف قد صاروا حَشَمًا وخَدَمًا، وقَعَدَ أبو محمد في تلك الفِتن كلِّها عاكفًا على العلم مُفيدًا ومُستفيدًا مُقبِلًا على ما [28 ظ] يَعنيه، ناظرًا في أسبابِ معيشتِه، إلى أن لحِقَ بربِّه.
وكان خَيِّرًا فاضلًا، ذا وِرد منَ اللّيل، فكان دأْبُه متى أشكَلَ عليه شيءٌ من مُتَشابهِ القرآن تلاوةً جعْلَ بعضِ تلامذتِه يقرَأُ عليه السُّورةَ المتضمِّنةَ ما أشكَلَ عليه ولا يُعيِّنُ له موضعَ الإشكال، ولا يعرفُ القارئ مرادَه من تعيينِ تلك السُّورة؛ ليُثبِّتَ يقينَه ويُقوِّي سُكونَه ويُرسِّخَ حفظَه. وكُفَّ بصَرُه.
وتوفِّي بشاطِبةَ سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة، ومولدُه بيَناشْتُهْ سنةَ أربع، وقيل: ستّ وثمانينَ وأربع مئة.

183 - عاصِمُ (¬1) بن خَلَف بن محمد بن عُقاب التُّجِيبيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو محمد.
رَوى عن صِهرِه أبي الحَسَن بن واجِب، وأبوَيْ محمد: ابن سَعيد الوَجْدي، وتفَقَّه به، وابن السِّيْد. وكان مُتفنِّنًا فقيهًا حافظًا يَغلِبُ عليه عِلمُ الرأي، لَسِنًا فصيحًا جَزْلًا مَهِيبًا، صادعًا بالحقّ، مُقِلًّا صَبُورًا، دَرَّس "المُدوَّنةَ" دهرًا طويلًا، وشاوَرَه القاضي أبو الحَسَن بنُ عبد العزيز.
وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ معتقَلًا في سِجنِها في جُمادى الأولى سنةَ سبع وأربعينَ وخمس مئة أثناءَ ثورةِ عبد الملِك بن شلبان المعروفِ بابن جلوبة بها، ودُفنَ بداخِل سُورِها ابنَ سبعينَ سنةً أو نحوِها.

184 - عاصِمُ (¬2) بن زيد بن يحيى بن حَنْظَلَة بن عَلْقَمةَ بن عَدِيِّ بن زَيْد بن حِمار بن زَيْد بن أيّوب بن مَجْروفِ بن عامِر بن عُصَيّةَ بن امرِئ القَيْس بن زَيدِ
¬__________
(¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2972)، والذهبي في المستملح (752)، وتاريخ الإسلام 11/ 906.
(¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (954)، والضبي في بغية الملتمس (1543)، وابن ظافر الأزدي في بدائع البدائه (21)، وابن الأبار في التكملة (2969)، وابن سعيد في المغرب 2/ 123.

الصفحة 83