كتاب إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (اسم الجزء: 3)

كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، يوم كالأيام، وآخر أيامه كالسراب؛ يصبح الرجل عند باب المدينة، فيمسي قبل أن يبلغ بابها الآخر". قالوا: وكيف نصلي في تلك الأيام القصار؟ قال: "تقدرون فيها كما تقدرون في الأيام الطوال".
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
قال أبو عبد الله - وهو ابن ماجه -: سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول: سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول: ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتاب.
وقد تكلم أبو عبية في حديث أبي أمامة رضي الله عنه كعادته السيئة في التهجم على الأحاديث الثابتة بغير دليل، فقال في حاشية (ص115) من "النهاية" لابن كثير ما نصه: "كيف يعلم صبيان المسلمين مثل هذا القول الذي لا يمكن تصديقه وهو منسوب زورا إلى الرسول عليه السلام؟! ".
والجواب أن يقال: حديث أبي أمامة رضي الله عنه حديث صحيح كما تقدم بيان ذلك، وعلى هذا؛ فالزور في الحقيقة هو كلام أبي عبية فيه بغير حق، وإذا كان أبو عبية مستهينا بالأحاديث الثابتة لا يعبأ بها ولا يرى باطراحها بأسا؛ فأهل السنة والجماعة على خلاف ما هو عليه؛ يتلقونها بالقبول والتسليم، ويعظمون شأنها، ويؤمنون بما جاء فيها، ويعلمون أنه حق وصدق. وقد تقدم كلام الإمام أحمد وغيره في ذلك في أول الكتاب؛ فليراجع.
والإيمان بما جاء في الأحاديث الصحيحة عنوان على تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله، كما أن اطراحها وعدم الإيمان بما جاء فيها عنوان على عدم تحقيق الشهادة بالرسالة.
قوله: "وتنزع حمة كل ذات حمة": قال أهل اللغة: " (الحمة) ؛

الصفحة 58