كتاب إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (اسم الجزء: 3)

بالتخفيف: السم ". قال ابن الأثير: "وقد تشدد، وأنكره الأزهري، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة؛ لأن السم منها يخرج". قال: "ومنه حديث الدجال: "وتنزع حمة كل دابة"؛ أي: سمها". انتهى.
وقد صحف أبو عبية (الحمة) ، وسيأتي التعقيب عليه في (باب نزول عيسى إلى الأرض) إن شاء الله تعالى.
قوله: "وتفر الوليدة الأسد فلا يضرها": قال ابن الأثير: "هو من فررت الدابة أفرها فرا: إذا كشفت شفتها لتعرف سنها". انتهى.
قوله: "وتكون الأرض كفاثور الفضة": قال الجوهري: " (الفاثور) : الخوان يتخذ من الرخام ونحوه". وقال ابن الأثير: " (الفاثور) : الخوان، وقيل: هو طست أو جام من فضة أو ذهب، ومنه قيل لقرص الشمس: فاثورها". وقال ابن منظور في "لسان العرب": " (الفاثور) : عند العامة: الطست أو الخوان، يتخذ من رخام أو فضة أو ذهب ". انتهى.
والمعنى في الحديث أن الأرض تكون نظيفة مما يصيبها من المطر العظيم الذي لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، وأنها تشبه في نظافتها الطست أو الخوان من الفضة.
وقد تقدم في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن المطر يغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، وتقدم تفسير الزلفة بأنها مصنعة الماء، وقيل: المرآة، وقيل: الروضة، والمعنى في الحديثين متقارب، والله أعلم.
وقد صحف أبو عبية (الفاثور) بـ: (العاثور) ، فقال في حاشية (ص114) من "النهاية" لابن كثير ما نصه: " (العاثور) : المهلكة من الأرض، ولعل المراد أن الأرض تتشابه وتخفى صواها ومعالمها فلا يهتدي بها السائر فيها". انتهى كلامه، وهو خطأ ظاهر وتصحيف عجيب؛ فلا يغتر به.

الصفحة 59