كتاب إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (اسم الجزء: 3)

قال الحاكم: "صحيح الإسناد على شرط مسلم "، وأقره الذهبي في "تلخيصه".
وإذا كان الدجال بهذه الصفة المخوفة؛ فلا شك أن الكفر به وتكذيبه لا يصدر إلا من مؤمن قوي الإيمان، ومن كان كذلك؛ فغير مستنكر أن تكفر أعماله السيئة كلها، ولا يعاقب بشيء منها.
وأما الإيمان به وتصديقه؛ فهو كفر، ومن كفر بعد الإيمان؛ حبط عمله، ولم ينفعه صالح من عمله سلف.
قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وعن أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فذكر الدجال؛ فقال: «إن بين يديه ثلاث سنين: سنة تمسك السماء ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض ثلثي نباتها، والثالثة تمسك السماء قطرها كله والأرض نباتها كله، فلا يبقى ذات ضرس ولا ذات ظلف من البهائم إلا هلكت، وإن أشد فتنته أن يأتي الأعرابي، فيقول: أرأيت إن أحييت لك إبلك؛ ألست تعلم أني ربك؟ قال: فيقول: بلى. فتمثل الشياطين له نحو إبله كأحسن ما تكون ضروعا وأعظمه أسنمة". قال: "ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه، فيقول: أرأيت إن أحييت لك أباك وأحييت لك أخاك؛ ألست تعلم أني ربك؟ فيقول: بلى. فتمثل له الشياطين نحو أبيه ونحو أخيه". قالت: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، ثم رجع. قالت: والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم به. قالت: فأخذ بلحمتي الباب، وقال: مهيم أسماء؟ قالت: قلت: يا رسول الله! لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال. قال: "إن يخرج وأنا حي؛ فأنا حجيجه، وإلا؛ فإن ربي خليفتي»

الصفحة 64