كتاب إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (اسم الجزء: 3)

لا يستقر، وقيل: سمي بذلك لأنه كان يمسح بيده على العليل والأكمه والأبرص فيبرئه بإذن الله. قال الأزهري: أعرب اسم المسيح في القرآن على مسيح، وهو في التوراة مشيحا، فعرب وغير؛ كما قيل: موسى، وأصله: موشى، وأنشد:
إذا المسيح يقتل المسيحا
يعني: عيسى ابن مريم يقتل الدجال بنيزكه. وقال شمر: سمي عيسى المسيح لأنه مسح بالبركة. وقال أبو العباس: سمي مسيحا لأنه كان يمسح الأرض؛ أي: يقطعها. وروي عن ابن عباس أنه كان لا يمسح بيده ذا عاهة إلا برئ. وقيل: سمي مسيحا لأنه كان أمسح الرجل، ليس لرجله أخمص. وقيل: سمي مسيحا لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن، والمسيح الكذاب الدجال، وسمي الدجال مسيحا؛ لأن عينه ممسوحة عن أن يبصر بها، وسمي عيسى مسيحا اسم خصه الله به ولمسح زكريا إياه. وروي عن أبي الهيثم أنه قال: المسيح ابن مريم الصديق، وضد الصديق المسيح الدجال؛ أي: الضليل الكذاب، خلق الله المسيحَيْنِ، أحدهما ضد الآخر، فكان المسيح ابن مريم يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، وكذلك الدجال يحيي الميت ويميت الحي وينشئ السحاب وينبت النبات بإذن الله؛ فهما مسيحان: مسيح الهدى، ومسيح الضلالة. قال المنذري: فقلت له: بلغني أن عيسى إنما سمي مسيحا؛ لأنه مسح بالبركة، وسمي الدجال مسيحا؛ لأنه ممسوح العين. فأنكره وقال: إنما المسيح ضد المسيح؛ يقال: مسحه الله؛ أي: خلقه خلقا مباركا حسنا، ومسحه الله؛ أي: خلقه خلقا قبيحا ملعونا. وفي الحديث: أما مسيح الضلالة؛ فكذا. فدل هذا الحديث على أن عيسى مسيح الهدى، وأن الدجال مسيح الضلالة. وروى بعض المحدثين المسيح؛ بكسر الميم والتشديد في الدجال؛ بوزن سكيت. قال ابن الأثير: قال أبو الهيثم: إنه الذي مسح خلقه؛ أي: شوه. قال: وليس بشيء". انتهى.

الصفحة 92