كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 3)

ستة، وكان لي أطرافٌ أربعة فأخذت طرفًا وأبقيت ثلاثة، ولئن ابتليت لقد عافيتَ، ولئن أخذت لقد أبقيت) (¬1).
ألا ما أروع الكلمة التي وردت عن بعض السلف:
(لولا مصائب الدنيا لوردنا الآخرة مفاليس) (¬2).
5 - ومما يعين على الصبر وتخفيف المصاب صدق اللجأ إلى الله، والتضرع بين يديه، فهو المعين وكاشف البلاء {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} (¬3). وهل علمت شيئًا من بلاء أيوب عليه السلام الذي قيل: إن الله يحج به يوم القيامة أهل البلاء؟
عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن رسول الله وعلى الله عليه وسلم قال: «إن نبي الله أيوب عليه السلام كان في بلائه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان إليه، فقال أحدهما لصاحبه: تعلم، والله لقد أذنب ذنبًا ما أذنبه أحد من العالمين، فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله، فيكشف ما به، فلما راحا عليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك لأيوب، فقال عليه السلام: لا أدري ما تقول: غير أن الله عز وجل يعلم أني كنتُ أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق .. إلخ القصة (¬4) وفيها شفاه الله، ورد إليه ما كان سلبه منه، بعد أن
¬_________
(¬1) السير للذهبي 4/ 430، 431.
(¬2) عدة الصابرين/ 145.
(¬3) سورة الأنبياء، الآيتان: 83، 84.
(¬4) روى القصة أبو يعلى والبحار وقال الهيثمي: رجال البزار رجال الصحيح (مجمع الزوائد 8/ 208) قال ابن حجر، أصح ما ورد في قصته، (الفتح 6/ 421) وإن كان ابن كثير استغرب رفع الحديث (التفسير 5/ 356) فقد ذكر أبو عبد الرحمن الأثري جملة من العلماء وصححوها ومنهم ابن كثير (الصبر/ 31).

الصفحة 174