كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 3)

ثم قف مع نفسك وقفة صادقة، أساسها الثقة بما كتب الله، وميزانها الطاعة والاستسلام لأمر الله، وليكن ذلك شأنك مع نفسك وأهلك، وأنت تسمع إلى وصية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم حين أمره بالصلاة وتكفل له بالرزق: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (¬1).
أخا الإيمان، نحن لا ننتقدك في طلب الرزق، ولا نفترض أنك ملك كريم لا هم لك إلا الذكر والصلاة، بل من الطبيعي أن تفكر في أمور العيش لك ولمن تعول، ولقد قال من كان قبلك ممن هو أفضل منك كذلك، حتى إذا ما خرج بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد يوم الجمعة والرسول- صلى الله عليه وسلم- يخطب لعلمهم بتجارة قدمت، جاءهم التوجيه الإلهي ليلفت نظرهم إلى أن ما عند الله خير وأبقى، وليؤكد لهم أنه تعالى خير الرازقين: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (¬2).
وهو توجيه قرآني تأدب به الصحابة والتزموا به فيما بعد، وعقلوه وحري بك أن تلتزم به، وأن ترعاه وتعقله.
أما الذين يفِرُّون من النفاق والمنافقين، ويرغبون لأنفسهم البعد عن صفاتهم وسماتهم لقبح النفاق، وخسة المنافقين، فعليهم أن يعلموا أن التكاسل عن الصلاة من سمات المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} (¬3) وإذا كنت في مقابل ذلك تبحث عن الإيمان فالصلاة من صفات المؤمنين: {قَدْ أَفْلَحَ
¬_________
(¬1) سورة طه، الآية: 132.
(¬2) سورة الجمعة، الآية: 11.
(¬3) سورة النساء، الآية: 142.

الصفحة 58