كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 3)

الحل، إنها هجر المساجد، والتهاون بصلاة الجماعة، تلك التي رتب الله عليها من الفضل والأجر ما تعلمون، بل اشترطها كثير من العلماء لصحة الصلاة وقبولها، ولو كان واسعا أحدًا عذر لوسع النبي الرحيم بأمته صلى الله عليه وسلم لذلك الشيخ الكفيف الذي يفصل بينه وبين المسجد واد كثير السباع والهوام .. ولكنه قال له في النهاية «أجب فإني لا أجد لك رخصة» فكيف بمن أفاء الله عليه ببيوت لا تكاد يفصلها عن المسجد إلا بضعة أمتار، والطرق معبدة، والهوام نافرة، والقوة جيدة، والقوى مكتملة؟ إنني أستثير في هؤلاء الرجال همم الرجال الأوفياء ... وأدعوهم إلى مراجعة حساباتهم مع خالقهم، وأذكرهم أن المسلمين لم يدَعُوا صلاة الجماعة وإن كانوا في منازلة الأعداء حيث شرع لهم صلاة الخوف بشكل جماعي ... فماذا يعني ذلك؟
أيها المسلمون لأي شيء عمرت المساجد؟ إذا ساغ لبعض المسلمين أن يفهموا أن بإمكانهم أن يصلوا في بيوتهم ... أهي للجمعة فحسب أم ترونها شيدت لتكون آثارا إسلامية يبصرها الناس؟ كلا كلا ... فالمساجد مكان للرحمة، وموضع للملائكة، وهي شاهدة للمسلم، أو شاهدة عليه بصدق الإسلام والمحافظة على الصلوات والاستجابة لنداء الرحمن.
إخوة الإيمان، وإياكم والعزلة عن المسلمين، ففي اجتماع المسلمين الخبير كل الخير .... والذئب إنما يأكل القاصية من الغنم، والشيطان يفرح حينما يدع المسلم الصلاة بالكلية، فإن لم يستطع رضي له بالعزلة عن جماعة المسلمين في البداية ولا يزال يضعفه حتى ينسيه أو يراه يتكاسل في أدائها، واستمع إلى هذا التوجيه النبوي الكريم لتعلم قيمة صلاة الجماعة ... يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو ولا تُقَام فِيهمِ الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم

الصفحة 64