كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

وكم أخذ الله الميثاق منهم ومن آبائهم فنقضوا! وكم عاهدهم رسول الله فلم يفوا! (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) [الأنفال: 56]. والنبذ: الرمي بالذمام ورفضه. وقرأ عبد الله: (نقضه فريق منهم). وقال: (فَرِيقٍ مِنْهُمْ)؛ لأن منهم من لم ينقض. (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) بالتوراة، وليسوا من الدين في شيء، فلا يعدون نقض المواثيق ذنباً، ولا يبالون به. (كِتَابَ اللَّهِ): يعني: التوراة؛ لأنهم بكفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم المصدق لما معهم كافرون بها نابذون لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن الحاجب في قوله تعالى: (إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ) [الأعراف: 21] "لكما" متعلق بالناصحين؛ لأن المعنى عليه؛ لأن الألف واللام لما كانت صورته صورة الحرف المنزل جزءاً من الكلمة، صارت كغيرها من الأجزاء التي لا تمنع التقديم.
وقال المرزوقي وأبو البقاء في قول الحماسي:
فتى ليس بالراضي بأدنى معيشة ... ولا في بيوت الحي بالمتولج
"في" متعلق بالمتولج. على أن تحمل اللام على التعريف، ويجوز أن تحملها بمعنى "الذي" وتعلق "في" بمحذوف و "أو" بمعنى "بل" لا للشك.
قال ابن جني: "أو" هذه هي التي بمعنى "أم" المنقطعة؛ وكلتاهما بمعنى "بل" موجودة في الكلام كثيراً، يقول الرجل لمن يهدده: والله لأفعلن بك كذا، فيقول صاحبه: أو يحسن الله رأيك، أو يغير الله ما في نفسك، وأنشد الفراء لذي الرمة:
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى ... وصورتها، أو أنت في العين أملح

الصفحة 12