كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

مثل بما يرمى به وراء الظهر استغناء عنه وقلة التفات إليه. وعن الشعبي: هو بين أيديهم يقرؤونه، ولكنهم نبذوا العمل به. وعن سفيان: أدرجوه في الديباج والحرير، وحلوه بالذهب، ولم يحلوا حلاله ولم يحرموا حرامه.
[(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) 102].
(وَاتَّبَعُوا): أي: نبذوا كتاب الله واتبعوا (مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ) يعني: واتبعوا كتب السحر والشعوذة التي كانت تقرؤها (عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك، وهو النبذ وراء الظهر. والضمير في قوله: "نبذوه وراء ظهورهم" للكتاب المذكور في التنزيل، وهو محتمل لأن يراد به التوراة، وأن يراد به القرآن، فإذا حمل على التوراة كان كناية عن قلة مبالاة بها فقط؛ لأن النبذ الحقيقي لم يكن منهم، ولهذا قال: "وهو بين أيديهم يقرؤونه" وقال أيضاً: "وأدرجوه في الديباج والحرير"، والحمل على القرآن لا ينافي إرادة حقيقة النبذ فهو كقولك: فلان طويل النجاد؛ يحتمل أن لا يكون له نجاد ويحتمل أن يكون.
قوله: (كتب السحر والشعوذة) في نسخة الصمصام بنصب الشعوذة. قال الإمام: الشعوذة إظهار الرجل الحاذق عمل شيء يشغل به أذهان الناظرين وأعينهم لعمل شيء آخر على سبيل السرعة، ليخفى الأمر على الناظر.

الصفحة 14