كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

ولقد علم هؤلاء اليهود أن من اشتراه- أي: استبدل ما تتلو الشياطين على كتاب الله- (مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ): من نصيب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الشيخ شهاب الدين التوربشتي في وصية أوصى بها بعض من أخذ منه: أوصيه أن يسد سمعه عن أباطيل الفلاسفة فضلاً عن الإصغاء إليها، والتعلم منها، فإنها لم تزل مشؤومة على أهلها، ولو مزجت كلمة منها بالبحر لمزجته، ثم إنها لا تثمر إلا الهوان في الدنيا والخزي في الآخرة، ونعوذ بالله من ذلك.
وللإمام حجة الإسلام كتاب "التهافت" وكتاب "المنقذ من الضلال"، ولشيخنا إمام الموحدين أبي حفص السهروردي كتاب مسمى بـ "الرشف في نصائح الإيمانية، والكشف عن فضائح اليونانية". والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
قوله: (ولقد علم هؤلاء اليهود) بيان لضمير علموا، للتنبيه على أنه راجع إلى من سيق له الكلام أولاً، وأن قصة السحر مستطردة. بيانه: أن قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ* وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ) [البقرة: 101 - 102] الآيات، بيان لجهلهم وتركهم الحق الواضح إلى الباطل الظاهر بطلانه، وإليه الإشارة بقوله: "أي: استبدل ما تتلوا الشياطين من كتاب الله" وكان من الظاهر أن يكتفي عن قوله: (مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) بقوله: واتبعوا السحر، لكن كنى به عنه حتى يحسن استطراد (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ) وما اتصل به، تصويراً لقبح ما ارتكبوه، حيث بدلوا علوم الدين بعلوم الشياطين، ومن هذا القبيل وضع "من اشتراه" في قوله: (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ) الآية موضع

الصفحة 21