كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

(وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ) أي: باعوها. وقرأ الحسن: (الشياطون)، وعن بعض العرب: بستان فلان حوله بساتون، وقد ذكر وجهه فيما بعد. وقرأ الزهري: (هاروت وماروت) بالرفع على: هما هاروت وماروت
ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لقد علموا أن ذلك الاشتراء خسران"، ليثبت لهم العلم بخسران أنفسهم بالطريق البرهاني وعلى البت والقطع.
وفي لفظة: (تَتْلُو الشَّيَاطِينُ) إشارة إلى هذا المعنى: إما على سبيل المشاكلة التقديرية يشعر به قوله: "هو بين أيديهم يقرؤونه" كأنه قيل: تركوا قراءة كتاب الله، واشتغلوا بقراءة كتاب الشياطين، أو الاستعارة التهكمية؛ لأن التلاوة عرفاً خصت بقراءة القرآن.
الراغب: تلاه: تبعه متابعة ليس بينهما ما ليس منهما، وذلك تارة يكون بالجسم وتارة بالاقتداء في الحكم، وتارة بالقراءة، وتختص بإتباع كتب الله المنزلة بالقراءة، وقوله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ) فاستعمل فيه لفظ التلاوة لما كان يزعم الشياطين أن ما يتلونه من كتب الله.
قوله: (وقد ذكر وجهه فيما بعد) أي: يذكر. ووجهه أنه رأى آخره كآخر يبرين وفلسطين، فتخير بين أن يجري الإعراب على النون وبين أن يجريه على ما قبله فيقول: الشياطين والشياطون، كما تخيرت العرب بين أن يقولوا: هذه يبرون ويبرين، وفلسطين وفلسطون، وحقه أن تشتقه من الشيطوطة، وهي الهلاك كما قيل له الباطل، هذا ما ذكره المصنف في "سورة الشعراء".

الصفحة 22