كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

وهما اسمان أعجميان بدليل منع الصرف، ولو كانا من الهرت والمرت، وهو الكسر- كما زعم بعضهم- لانصرفا. وقرأ طلحة: (وما يعلمان) من أعلم. وقرئ: (بين المُرْءِ) بضم الميم وكسرها مع الهمز، و (المَرِّ) بالتشديد على تقدير التخفيف والوقف، كقولهم: فرج، وإجراء الوصل مجرى الوقف. وقرأ الأعمش: (وما هم بضاري) بطرح النون والإضافة إلى (أَحَدٍ) والفصل بينهما بالظرف. فإن قلت: كيف يضاف إلى (أَحَدٍ) وهو مجرور بـ (مِنْ)؟ قلت: جعل الجار جزءاً من المجرور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال غيره: الشيطان يحتمل أن يكون من شطن، وأن يكون من شاط، فجمعه على حال الرفع جمع السلامة بعد رده إلى المصدر، وهو الشياط، كما قيل: خاط خياطاً، فأقامه مقام الاسم، وفي غير حال الرفع جمعه على فياعيل، نحو شياطينهم، فعلى هذا فالشيطان فيعال من: شطن، وعلى الوجه الآخر فعلان من: شاط.
قوله: (وقرئ: بين المُرء) قال ابن جني: "المُرء" بضم الميم وسكون الراء والهمز: قراءة ابن أبي إسحاق، و"المرء"بكسر الميم والهمز: قراءة الأشهب، وهما لغتان، و"المَرِّ" بالتشديد: قراءة الزهري، ووجهه أنه أراد التخفيف، ووقف فصار "المَر" بسكون الراء، ثم ثقل للوقف على قول من قال: هذا خالد، وهو يجعل، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف، فأقر التثقيل بحاله.
قوله: ("وما هم بضاري" بطرح النون) قال ابن جني: هذا من أبعد الشواذ، وأمثل ما يقال فيه: أن يكون "وما هم بضاري أحد به، ثم فصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف، وفيه شيء آخر وهو أن هناك أيضاً "من" في (مِنْ أَحَدٍ) غير أنه أجرى الجار مجرى جزء من

الصفحة 23