كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

(لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) أن ثواب الله خير مما هم فيه، وقد علموا، ولكنه جهلهم لترك العمل بالعلم.
فإن قلت: كيف أوثرت الجملة الاسمية على الفعلية في جواب "لو"؟ قلت: لما في ذلك من الدلالة على إثبات المثوبة واستقرارها، كما عدل عن النصب إلى الرفع في (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الرعد: 24] لذلك. فإن قلت: فهلا قيل: لمثوبة الله خير؟ قلت: لأن المعنى: لشيء من الثواب خير لهم. ويجوز أن يكون قوله: (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كيف أوثرت الجملة الاسمية على الفعلية؟ ) قال الزجاج: لمثوبة في موضع جواب "لو" لأنها تنبئ عن قولك: لأثيبوا. المعنى: ثواب الله خير لهم من كسبهم بالسحر والكفر. وقال القاضي: وحذف المفضل عليه إجلالاً للمفضل من أن ينسب إليه.
قوله: (لأن المعنى: لشيء من الثواب خير لهم) يعني: المقام يقتضي الترغيب في الثواب، والزجر عن المعاصي، والمعنى: لشيء قليل من ثواب الله خير مما شروا به أنفسهم من إتباع ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان.
قلت: إنما جمع بين معنى الدوام والقلة ليؤذن أن قدراً يسيراً من الثواب في الآخرة مع الدوام، خير من كثير ثواب الدنيا مع الزوال، فكيف وثواب الله كثير دائم!
قوله: (ويجوز أن يكون قوله: (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا)) عطف على قوله: "ولو أنهم آمنوا برسول الله والقرآن" على أن "لو" للتمني، و"لمثوبة" جملة مبتدأة، وعلى الأول "لو" لامتناع الشيء لامتناع غيره، وجوابه "لمثوبة" وإنما خص رسول الله والقرآن بالذكر ليؤذن باتصال الآية بقوله: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ) [البقرة: 101]، وأتى

الصفحة 25