كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

المصلحة من إزالة لفظها وحكمها معاً، أو من إزالة أحدهما إلى بدل أو غير بدل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رحمهما الله: التواتر عبارة عن الخبر الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة، ولابد في إسناده من استمرار هذا الشرط في رواته من أوله إلى منتهاه، ومن سئل عن إبراز مثال لذلك فيما يروى من الحديث أعياه تطلبه، وحديث: "إنما الأعمال بالنيات" ليس من ذلك بسبيل، وإن نقله عدد التواتر وزيادة؛ لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده، ولم يوجد في أوائله، نعم حديث "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" نراه مثالاً لذلك، فإنه نقله من الصحابة العدد الجم، وهو في "الصحيحين" مروي عن جماعة منهم، روى بعض الحفاظ: أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان وستون من الصحابة، وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة، وقيل: أكثر من ذلك، وقيل: لا يعرف حديث اجتمع عليه العشرة إلا هذا، وقال الشيخ ابن صلاح: ثم لم يزل عدد رواته في ازدياد، وهلم جراً على التوالي والاستمرار، والله أعلم.
قوله: (من إزالة لفظها وحكمها معاً) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن" أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود.
قوله: (أو من إزالة أحدهما إلى بدل، أو غير بدل) هذا مبني على قوله أولاً: "نسخ الآية: إزالتها بإبدال أخرى مكانها" ونسؤها: تأخيرها وإذهابها لا إلى بدل".
فإن قلت: كيف يستقيم قوله: وإذهابها لا إلى بدل مع قوله تعالى: (نَاتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) [البقرة: 106]؟
قلت: لابد في كلامه من تقدير محذوف وتعسف ليستقيم. فقوله: "إلى بدل" يتعلق بقوله:

الصفحة 37