كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"إزالة لفظها وحكمها معاً أو من إزالة أحدهما" وهو معنى النسخ، وقوله: "أو غير بدل" لا يتعلق بالمذكور، بل بالإنساء. المعنى: ما ننسخ من آية نأت بخير منها أو مثلها، وما ننس من آية لم نأت بدلها، فحذف في الجزاء أحد ما يقابل به "ما" في الشرط.
وقلت وبالله التوفيق: الحق أن الآية دالة على شيئين: على النسخ وعلى الإنساء، وعلى أن لكل واحد منهما بدلاً، فالمناسب للنسخ أن يؤتى بآية أخرى، سواء أثبت بها حكم آخر مع إزالة الآية الأولى، أو أزيل بها الحكم الثابت، والمناسب للإنساء أن يؤتى بأخرى لكن لا على طريق النسخ. والحاصل: أن ما اعتبر فيه إزالة الحكم هو النسخ، وما لا يعتبر فيه ذلك هو الإنساء. ويعضده ما روينا عن مسلم، عن أبي موسى: "إنا كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة بـ "براءة" فأنسيتها غير أني حفظت منها: (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب)، وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة) "، فتنزيله على هذه القاعدة أن يقال: إنه يمكن أن الله تعالى أنزل بعد هاتين السورتين المنسيتين سوراً وآيات غير مشتملة على إبطالهما وإزالتهما.
روينا عن البخاري عن ابن عباس قال: "آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية الربا".
وعن مسلم عن عبيد الله بن عبد الله قال: قال لي ابن عباس: "أتدري آخر سورة نزلت من القرآن جميعاً؟ " قلت: نعم، "إذا جاء نصر الله والفتح"، قال: "صدقت".

الصفحة 38