كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

(اجْعَل لَنَا إِلَهاً) [الأعراف: 138]، (أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً) [النساء: 153] وغير ذلك. (وَمَنْ يَتَبَدَّلْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ): ومن ترك الثقة بالآيات المنزلة وشك فيها واقترح غيرها (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ). روي أن فنحاص بن عازوراء وزيد بن قيس ونفراً من اليهود قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد: ألم تروا ما أصابكم، ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل، ونحن أهدى منكم سبيلاً. فقال عمار: كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا شديد، قال: فإني قد عاهدت أن لا أكفر بمحمد ما عشت. فقالت اليهود أما هذا فقد صبأ، وقال حذيفة: وأما أنا فقد رضيت بالله رباً، وبمحمد نبياً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن إماماً، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخواناً. ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبراه فقال: "أصبتما خيراً وأفلحتما"؛ فنزلت. فإن قلت: بم تعلق قوله: (مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ)؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال صاحب "النهاية": ذات أنواط: اسم سمرة بعينها كانت للمشركين ينوطون بها سلاحهم، أي: يعلقونها ويعكفون حولها.
قوله: (وشك فيها) عطف تفسيري على "ترك الثقة بالآيات".
قوله: (فيه وجهان): أحدهما: أن يتعلق بـ "ود" على معنى وتمنيهم ذلك من عند أنفسهم" وثانيهما: "أن يتعلق بـ "حسداً" أي: منبعثاً من أنفسهم" جعل "من" ابتدائية، وتصور معنى الظرفية في "عند" و"من" ثم قال: "من قبل أنفسهم": منبعثاً من أنفسهم.
قال السيد ابن الشجري في "الأمالي" رداً على مكي بن أبي طالب المغربي في الوجهين:

الصفحة 42