كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

في ترك الاعتداد به إلى ما ليس بعده، وهذا كقولهم: أقل من لا شيء. (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ) الواو للحال، والكتاب للجنس، أي: قالوا ذلك وحالهم أنهم من أهل العلم والتلاوة للكتب، وحق من حمل التوراة أو الإنجيل أو غيرهما من كتب الله وآمن به أن لا يكفر بالباقي؛ لأن كل واحد من الكتابين مصدق للثاني، شاهد بصحته، وكذلك كتب الله جميعاً متواردة في تصديق بعضها بعضاً. (كَذَلِكَ) أي: مثل ذلك الذي سمعت به على ذلك المنهاج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يصح قوله على مذهب أهل السنة ولا المعتزلة؛ لأن الأباطيل التي يستحيل وجودها لا تسمى شيئاً اتفاقاً.
قوله: (أي: مثل ذلك الذي سمعت به) قال أبو البقاء: الكاف في موضع نصب نعتاً لمصدر محذوف منصوب بـ "قال"، وهو مصدر مقدم على الفعل. والتقدير: قولاً مثل قول اليهود والنصارى قال الذين لا يعلمون، فعلى هذا (مِثْلَ قَوْلِهِمْ) منصوب بـ "يعلمون" على أنه مفعول به، ويجوز أن يكون "الكاف" في موضع رفع بالابتداء، والجملة بعده خبر عنه، والعائد إلى المبتدأ محذوف. أي: قاله. (مِثْلَ قَوْلِهِمْ): صفة مصدر محذوف، أو مفعول ليعلمون، والمعنى: مثل قول اليهود والنصارى قال الذين لا يعلمون اعتقاد اليهود والنصارى.
وقلت: وعلى أن يكون "مثل قولهم" صفة مصدر محذوف يمكن أن يجرى القول مجرى العلم، أي: مثل ذلك القول قال الذين لا يعلمون علماً يشبه علمهم؛ لأنهم أهل كتاب، وهم مشركون ومعطلة، وعليه ظاهر كلام المصنف.
قال في "النهاية": سمع علي رضي الله عنه امرأة تندب عمر رضي الله عنه، فقال: أما والله ما قالته ولكن قولته. أي: لقنته وعلمته.

الصفحة 50