كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

والفعل للصدقات، وقرأ الحسن رضي اللَّه عنه بالياء والنصب بإضمار "أن"، ومعناه: إن تخفوها يكن خيراً لكم، وأن يكفر عنكم.
[(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)].
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ): لا يجب عليك أن تجعلهم مهديين إلى الانتهاء عما نهوا عنه من المنّ والأذى والإنفاق من الخبيث وغير ذلك، وما عليك إلا أن تبلغهم النواهي فحسب، (وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ): يلطف بمن يعلم أنّ اللطف ينفع فيه، فينتهى عما نُهي عنه. (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ): من مال (فَلِأَنْفُسِكُمْ): فهو لأنفسكم لا ينتفع به غيركم، فلا تمنوا به على الناس ولا تؤذوهم بالتطاول عليهم. (وَما تُنْفِقُونَ): وليست نفقتكم إلا لابتغاء وجه اللَّه ولطلب ما عنده، فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث الذي لا يوجه مثله إلى اللَّه. (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من خبر الجزاء، فتكون معطوفة على جملة الشرط والجزاء، المعنى: ليحصل منكم إبداء الصدقات وإخفاؤها، ومنا تكفير ذنوبكم.
قوله: (والفعل للصدقات) أي: الإسناد يكون مجازياً.
قوله: (يلطف بمن يعلم أن اللطف ينفع فيه)، مذهبه، وأهل السنة على أن الهداية من الله وبمشيئته فيختص بها قوماً دون قوم.
قوله: (وليست نفقتكم إلا لابتغاء وجه الله تعالى). (وَمَا تُنفِقُونَ): معطوف على قوله: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ) أو: حال، قال القاضي: يجوز أن يكون حالاً، كأنه قال: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ) غير منفقين إلا لابتغاء وجه الله، قلت:

الصفحة 537