كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

وقال قتادة: لا يوجد نصراني في بيت المقدس إلا أنهك ضرباً وأبلغ إليه في العقوبة. وقيل: نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يحجن بعد هذا العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان" وقرأ أبو عبد الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أنهك ضرباً) أي: بولغ في ضربه، الجوهري: نهكه السلطان عقوبة ينهكه نهكاً ونهكة: بالغ في عقوبته.
قوله: (وابلغ إليه في العقوبة)، الأساس: أبلغت إلى فلان: فعلت به ما بلغ به الأذى والمكروه البليغ، ففيه تضمين معنى الإفضاء.
قوله: (وقيل: نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم) عطف على قوله: (روي أنه لا يدخل بيت المقدس أحد من النصارى" وفيه تقسيم لقوله: "أولئك المانعون" المراد بهم النصارى والمشركون مطلقاً، لقوله: "ولا يراد الذين منعوا بأعيانهم من أولئك النصارى والمشركين".
قوله: (ألا لا يحجن بعد هذا العام مشرك) الحديث رويناه في "صحيح" البخاري ومسلم و"سنن أبي داود" والدارمي والنسائي عن أبي هريرة: "أن أبا بكر رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أمره [عليها] رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان".
قال الإمام: وفي الآية بشارة للمسلمين بأن الله سيظهرهم على المسجد الحرام، وعلى سائر المساجد، وأنه يذل المشركين لهم حتى لا يدخل المسجد الحرام منهم أحد إلا خائفاً، وقد أنجز الله هذا الوعد بمنعهم من دخول المسجد الحرام، فيحمل هذا الخوف على ظهور أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلبته عليهم بحيث يصيرون خائفين منه ومن أمته أبداً.

الصفحة 55