كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

فأينما تولوا للدعاء والذكر، ولم يرد الصلاة. وقرأ الحسن: (فأينما تولوا) بفتح التاء من التولي يريد فأينما توجهوا القبلة.
[(وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) 116].
(وَقَالُوا) وقرئ بغير واو، يريد الذين قالوا: المسيح ابن الله، وعزير ابن الله، والملائكة بنات الله. (سُبْحَانَهُ): تنزيه له عن ذلك وتبعيد. (بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) هو خالقه ومالكه، ومن جملته الملائكة وعزير والمسيح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((وَقَالُوا): وقرئ بغير واو) قرأها ابن عامر وعلى الأول: الجملة عطف على قوله: (وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ) [البقرة: 113] وعلى الثاني استئناف، كأن سائلاً سأل: هل انقطع حبل افترائهم على الله، أو امتد ولم ينقطع؟ فقيل: بل قالوا أعظم من ذلك، وهو نسبة الولد إلى الله سبحانه وتعالى: (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ) الآية [الشورى: 5].
قوله: (بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) هو خالقه ومالكه ومن جملته الملائكة وعزير والمسيح) وتقرير هذا المعنى هو: أنه تعالى عم أولاً في قوله: (لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) [البقرة: 116] مع أن سوق الكلام فيمن عبد من دون الله من العقلاء لقوله: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً) إتباعاً لأولي العلم غير أولي العلم للإعلام بأنهم في غاية من القصور عن معنى الربوبية، وفي نهاية من النزول إلى معنى العبودية، إهانة لهم وتنبيهاً على إثبات مجانستهم بالمخلوقات المنافية للألوهية، ثم ثنى بتغليب العقلاء على غيرهم في قوله: (كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) إيذاناً بأن الأشياء كلها في التسخير والانقياد بمنزلة المطيع المنقاد الذي يؤمر فيمتثل، لا يتوقف

الصفحة 58