كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

احدث فيحدث، وهذا مجاز من الكلام وتمثيل، ولا قول ثم، كما لا قول في قوله:
إذ قالت الأنساع للبطن الحق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال المصنف: "في كون السميع بمعنى المسمع نظر"، لجواز أن يكون بمعنى السامع؛ لأن داعي الشوق لما دعا الشاعر صار سامعاً للقول الذي أجيب به، أو لقول نفسه، فإيراد السميع ترشيح للاستعارة. سلمنا لكنه شاذ.
قوله: (وهذا مجاز من الكلام)، "من": بيان مجاز، أي: هذا يسمى في أساليب كلام البلغاء بالمجاز، وقوله: "وتمثيل": عطف تفسيري، أي: وارد على سبيل الاستعارة التمثيلية، شبهت الحالة التي تتصور من تعلق إرادته جل وعز بشيء من المكونات، ودخوله تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف بحالة أمر الآمر النافذ تصرفه في المأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل، ولا يتوقف، ولا يكون منه الإباء، فيقول: افعل كذا فيمتثل، ثم استعير لهذه الحالة ما كان مستعملاً في تلك الحالة، فإذن لا قول ثمة، وعليه قول الزجاج والإمام القاضي.
قال البزدوي: أريد ذكر الأمر، والتكلم بها على الحقيقة لا المجاز عن الإيجاد، بل كلام بحقيقته من غير تشبيه ولا تعطيل، وقد أجرى سنته في الإيجاد بعبارة الأمر.
وقال صاحب "المطلع": (كُنْ فَيَكُونُ) ليس هو قولاً من الله بالكاف والنون، ولكنه عبارة عن أوجز كلام يؤدي المعنى التام المفهوم.
قوله: (إذ قالت الأنساع للبطن الحق). تمامه:
قدماً فآضت كالفنيق المحنق
النسعة هي: التي تنسج عريضاً للتقدير والجمع نسع ونسع وأنساع، الفنيق: فحل

الصفحة 62