كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 3)

[(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) 120].
كأنهم قالوا: لن نرضى عنك وإن أبلغت في طلب رضانا حتى تتبع ملتنا؛ إقناطاً منهم لرسول الله عن دخولهم في الإسلام، فحكى الله عز وجل كلامهم؛ ولذلك قال: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) على طريقة إجابتهم عن قولهم، يعني: إن هدى الله الذي هو الإسلام هو الهدى بالحق والذي يصح أن يسمى هدى،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وإن أبلغت في طلب رضانا). هذه المبالغة مستفادة من قوله: (وَلَنْ تَرْضَى) لما مر أن "لن": رد لجواب منكر مبالغ.
قوله: (إقناطاً منهم) يعني: محال منك أن تتبع ملتهم، فإذن لا يتبعون ملتك.
قوله: (ولذلك قال) تعليل لقوله: "كأنهم قالوا"؛ لأن قوله: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ) حكاية لمعنى كلامهم، وأن كلامهم هو: لن نرضى عنك ولا نتبع ملتك حتى تتبع ملتنا، وإلا فقوله: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) بظاهره غير مطابق لقوله: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) ووجه المطابقة مع المقدر هو انهم ما قالوا: لا نتبع ملتك حتى تتبع ملتنا إلا وزعموا أن دينهم حق، ودين الإسلام باطل، فأجيبوا بقوله: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) على القصر القلبي، يعني: أن دين الله هو الدين الحق وأن دينكم هو الباطل، وإليه الإشارة بقوله: "إن هدى الله، الذي هو الإسلام، هو الهدى ... ، وما تدعون إلى اتباعه ما هو بهدى، وإنما هو هوى". وفي الآية مبالغات، منها:
إضافة "الهدى" إلى الله تعالى، ومقارنته بـ "إن"، وإعادة "الهدى" في الخبر على نحو:
أنا أبو النجم وشعري شعري

الصفحة 68