قال بعض علمائنا: والأولى ما قاله في مفرداته (¬1) وقيل له عن جِمَاع الأعرابي: لم يستفصله النبي - صلى الله عليه وسلم - هل كان سفرًا أم حضرًا؟ فقال: شاهده، وظاهره يقتضي أنه حاضر، فعلامة ذلك ودلائله أغنته.
قوله: والترجيح تقديم أحد [طريقي] (¬2) الحكم لاختصاصه بقوة في الدلالة.
¬__________
= مجلسًا في الفقه، وقصر عن لزوم مجلس أبي حنيفة، فسأل عنه فأخبر أنه عقد لنفسه مجلسًا وأنه بلغه كلامك فيه، فدعا رجلًا كان له عنده قدر، فقال: سر إلى مجلس يعقوب فقل له: ما يقول في رجل دفع إلى قصّارٍ ثوبًا ليقصّره بدرهم، فسار إليه بعد أيام في طلب الثوب، فقال له القصَّار: ما لك عندي شيء وأنكره، ثم إن ربَّ الثوب رجع إليه فدفع إليه الثوب مقصورًا، أله أجره؟ فإن قال: له أجره، فقل: أخطأت، وإن قال: لا أجرة له، فقل: أخطأت، فسار إليه فسأله، فقال أبو يوسف: له الأجرة، فقال له: أخطأت، فنظر ساعة، ثم قال: لا أجرة له، فقال له: أخطأت، فقام أبو يوسف من ساعته فأتى أبي حنيفة فقال له: ما جاء بك إلا مسألة القصّار! قال: أجل، فقال: سبحان الله، من قعد يفتي الناس، وعقد مجلسًا يتكلم في دين الله، وهذا قدره، لا يحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات! فقال: يا أبا حنيفة علّمني، فقال: إن قصّره بعدما غصبه فلا أجرة له؛ لأنه قصّره لنفسه، وإن كان قصَّره قبل أن يغصبه فله الأجرة، لأنه قصّره لصاحبه".
(¬1) هكذا ذكر المصنف كتاب المفردات، ولم يحدد لمن، وللعلماء الحنابلة كتبًا كثيرة بهذا العنوان، كالقاضي، وابن عقيل، وأبي الخطاب، وغيرهم. انظر المدخل المفصل للشيخ بكر أبو زيد (2/ 975، 914، 911، 910).
(¬2) هكذا في المخطوط، ووافقته نسخة الأزهرية التي جاءت مرفقة معه، وهو المثبت في الردع، وفي المختصر المطبوع جاءت العبارة: "طرفي".