هذا الترجيح من جهة السند، فإذا كان رواة الخبر الواحد أكثر من رواة الخبر الآخر، فإن كان الأقل ليس لأوثق من الأكثر، فإن الأكثر يقدم في مذهب الأئمة الأربعة (¬1) لزيادة الظن، وبهذا ينتهي إلى التواتر (¬2).
ورجح - صلى الله عليه وسلم - قول ذي اليدين (¬3) بقول أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -.
¬__________
(¬1) تابع المصنف ابن مفلح في نسبة هذا القول إلى الأئمة الأربعة، والصواب خلافه، لأن الإمام أبا حنيفة لم يعتبر الكثرة، كما نسبه إليه السرخسي في أصوله (2/ 24). وإنما هو مذهب بعض الحنفية، ولذلك فإن عبارة الماتن ابن اللحام أدق، فإن الترجيح بكثرة الرواة هو مذهب الأكثر. انظر قول الجمهور في العدة لأبي يعلى (3/ 1019)، التبصرة للشيرازي ص (348)، إحكام الفصول للباجي (2/ 740)، منتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (222)، أصول ابن مفلح (4/ 1584)، البحر المحيط للزركشي (6/ 138)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (3/ 169)، التحبير للمرداوي (8/ 4152)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 628).
(¬2) انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1584).
(¬3) حديث ذي اليدين متفق عليه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - يقول - واللفظ لمسلم - (صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر فسلّم في ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل ذلك لم يكن. فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم يا رسول الله، فأتم رسول الله به ما بقي من صلاته، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم. انظر: فتح الباري لابن حجر (10/ 468) كتاب الأدب، باب ما يجوز من ذكر الناس، برقم (6051)، ومسلم (1/ 404) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (99). وذو اليدين اشتهر بهذا الوصف، واسمه الخِربَاق بن عمرو السلمي وورد وصفه عند ابن خزيمة (2/ 125) برواية عمران بن الحصين وصفه بأنه بسيط اليدين، قال لقب بذلك لطول في يديه.=