كتاب شرح مختصر أصول الفقه للجراعي (اسم الجزء: 3)

العاشر: العلّة المطَّرَدة تُرجّح على غير المطّردة إن قيل بصحة غير المطردة, لأن غير المطردة وهي المنتقصة بصورة فأكثر إن لم يقل بصحتها لم تُعارض المطردة حتى تحتاج إلى ترجيح، وإن قلنا بصحتها فاجتمعت هي والمطردة، فالمطردة راجحة لأن ظنّ العلّيّة فيها أغلب، ولأنها متفق عليها والمنتقضَة مختلفٌ فيها.
الحادي عشر: العلة المنعكسة راجحَةٌ على غير المنعكسة إن اشترط العكس في العلل، قد سبق أن اطراد العلّة هو استمرار حكمها في جميع محالَّها، وأما انعكاسها فهو انتفاء الحكم لانتفائها.
واختلف في الانعكاس هل هو شرط في صحتها أو لا؟ فإن لم يشترط لم ترجح المنعكسة على غير المنعكسه؛ لأن شرط الصحة موجود فيها وهو الاطراد، ووجود الانعكاس كالعدم لأنه غير مشترط، وإن قلنا: يشترط رجحت المنعكسة على غيرها لانتفاء الحكم عند إنتفائها يدل على زيادة في اختصاصها بالتأثير فتصير كالحدِّ مع المحدود، ويقدم المنعكس فيه على غيره.
مثاله: قولنا في جريان القصاص بين الرجل والمرأة في الأطراف من أجرى القصاص بينهما في النفس أجرى بينهما (¬1) في الأطراف كالحرَّيْن، أولى من قولهم: إنهما يختلفان في بدل النفس فلا يجري القصاص بينهما في الأطراف، كالمسلم مع المستأمن فإنه لا تأثير لقولهم: يختلفان في بدل النفس فإن العبدين وإن تساويا في القيمة، لا يجري القصاص بينهما (¬2).
¬__________
(¬1) طمس في المخطوط بسبب البلل وما أثبته من المسودة لآل تيمية.
(¬2) انظر المثال في المسودة لآل تيمية ص (384).

الصفحة 505