كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 405 """"""
الباء من سبقته أسبقه ) وهم بأمره يعملون ( أى هم العاملون بما يأمرهم الله به التابعون له المطيعون لربهم
الأنبياء : ( 28 ) يعلم ما بين . . . . .
) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ( هذه الجملة تعليل لما قبلها أى يعلم ما عملوا وما هم عاملون أو يعلم ما بين أيديهم وهو الآخرة وما خلفهم وهو الدنيا ووجه التعليل أنهم إذا علموا بأنه عالم بما قدموا وأخروا لم يعملوا عملا ولم يقولوا قولا إلا بأمره ) ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ( أى يشفع الشافعون له وهو من رضى عنه وقيل هم أهل لا إله إلا الله وقد ثبت فى الصحيح أن الملائكة يشفعون فى الدار الآخرة ) وهم من خشيته مشفقون ( أى من خشيتهم منه فالمصدر مضاف إلى المفعول والخشية الخوف مع التعظيم والإشفاق الخوف مع التوقع والحذر أى لا يأمنون مكر الله
الأنبياء : ( 29 ) ومن يقل منهم . . . . .
) ومن يقل منهم إني إله من دونه ( أى من يقل من الملائكة إني إله من دون الله قال المفسرون عنى بهذا إبليس لأنه لم يقل أحد من الملائكة إني إله إلا إبليس وقيل الإشارة إلى جميع الأنبياء ) فذلك نجزيه جهنم ( أى فذلك القائل على سبيل الفرض والتقدير نجزيه جهنم بسبب هذا القول الذى قاله كما نجزي غيره من المجرمين ) كذلك نجزي الظالمين ( أى مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي الظالمين أو مثل ما جعلنا جزاء هذا القائل جهنم فكذلك نجزي الظالمين الواضعين الإلهية والعبادة فى غير موضعها والمراد بالظالمين المشركون
الأنبياء : ( 30 ) أولم ير الذين . . . . .
) أولم ير الذين كفروا ( الهمزة للإنكار والواو للعطف على مقدر والرؤية هى القلبية أى ألم يتفكروا أو لم يعلموا ) أن السماوات والأرض كانتا رتقا ( قال الأخفش إنما قال كانتا لأنهما صنفان أى جماعتا السموات والأرضين كما قال سبحانه ) إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ( وقال الزجاج إنما قال كانتا لأنه يعبر عن السموات بلفظ الواحد لأن السموات كانت سماء واحدة وكذلك الأرضون والرتق السد ضد الفتق يقال رتقت الفتق أرتقه فارتتق أى التأم ومنه الرتقاء للمنضمة الفرج يعنى أنهما كانتا شيئا واحدا ملتزقتين ففصل الله بينهما وقال رتقا ولم يقل رتقين لأنه مصدر والتقدير كانتا ذواتي رتق ومعنى ) ففتقناهما ( ففصلناهما أى فصلنا بعضهما من بعض فرفعنا السماء وأبقينا الأرض مكانها ) وجعلنا من الماء كل شيء حي ( أى أحيينا بالماء الذى ننزله من السماء كل شئ فيشمل الحيوان والنبات والمعنى أن الماء سبب حياة كل شئ وقيل المراد بالماء هنا النطفة وبه قال أكثر المفسرين وهذا احتجاج على المشركين بقدرة الله سبحانه وبديع صنعه وقد تقدم تفسير هذه الآية والهمزة فى ) أفلا يؤمنون ( للإنكار عليهم حيث لم يؤمنوا مع وجود ما يقتضيه من الآيات الربانية
الأنبياء : ( 31 ) وجعلنا في الأرض . . . . .
) وجعلنا في الأرض رواسي ( أى جبالا ثوابت ) أن تميد بهم ( الميد التحرك والدوران أى لئلا تتحرك وتدور بهم أو كراهة ذلك وقد تقدم تفسير ذلك فى النحل مستوفى ) وجعلنا فيها ( أى فى الرواسى أو فى الأرض ) فجاجا ( قال أبو عبيدة هى المسالك وقال الزجاج كل مخترق بين جبلين فهو فج و ) سبلا ( تفسير للفجاج لأن الفج قد لا يكون طريقا نافذا مسلوكا ) لعلهم يهتدون ( إلى مصالح معاشهم وما تدعو إليه حاجاتهم
الأنبياء : ( 32 ) وجعلنا السماء سقفا . . . . .
) وجعلنا السماء سقفا محفوظا ( عن أن يقع ويسقط على الأرض كقوله ) ويمسك السماء أن تقع على الأرض ( وقال الفراء محفوظا بالنجوم من الشيطان كقوله ) وحفظناها من كل شيطان رجيم ( وقيل محفوظا لا يحتاج إلى عماد وقيل المراد بالمحفوظ هنا المرفوع وقيل محفوظا عن الشرك والمعاصي وقيل محفوظا عن الهدم والنقض ) وهم عن آياتها معرضون ( أضاف الآيات إلى السماء لأنها مجعولة فيها وذلك كالشمس والقمر ونحوهما ومعنى الإعراض أنهم لا يتدبرون فيها ولا يتفكرون فيما توجبه من الإيمان
الأنبياء : ( 33 ) وهو الذي خلق . . . . .
) وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر ( هذا تذكير لهم بنعمة أخرى مما أنعم به عليهم وذلك بأنه خلق لهم الليل ليسكنوا فيه

الصفحة 405