كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 408 """"""
الله ونفخ فيه الروح صار الروح فى رأسه فذهب لينهض قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه فوقع فقيل خلق الإنسان من عجل كذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والسدى والكلبي ومجاهد وقال أبو عبيدة وكثير من أهل المعانى العجل الطين بلغة حمير وأنشدوا والنخل تنبت بين الماء والعجل
وقيل إن هذه الآية نزلت فى النضر بن الحارث وهو القائل ) اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ( وقيل نزلت فى قريش لأنهم استعجلوا العذاب وقال الأخفش معنى خلق الإنسان من عجل أنه قيل له كن فكان وقيل إن هذه الآية من المقلوب أى خلق العجل من الإنسان وقد حكى هذا عن أبى عبيدة والنحاس والقول الأول أولى ) سأريكم آياتي ( أى سأريكم نقماتي منكم بعذاب النار ) فلا تستعجلون ( أى لا تستعجلوني بالإتيان به فإنه نازل بكم لا محالة وقيل المراد بالآيات ما دل على صدق محمد ( صلى الله عليه وسلم ) من المعجزات وما جعله الله له من العاقبة المحمودة والأول أولى
الأنبياء : ( 38 ) ويقولون متى هذا . . . . .
ويدل عليه قولهم ) متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ( أى متى حصول هذا الوعد الذى تعدنا به من العذاب قالوا ذلك على جهة الاستهزاء والسخرية وقيل المراد بالوعد هنا القيامة ومعنى ) إن كنتم صادقين ( إن كنتم يا معشر المسلمين صادقين فى وعدكم والخطاب للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) وللمؤمنين الذين يتلون الآيات القرآنية المنذرة بمجئ الساعة وقرب حضور العذاب
الأنبياء : ( 39 ) لو يعلم الذين . . . . .
وجملة ) لو يعلم الذين كفروا ( وما بعدها مقررة لما قبلها أى لو عرفوا ذلك الوقت وجواب لو محذوف والتقدير لو علموا الوقت الذى ) لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون ( لما استعجلوا الوعيد وقال الزجاج فى تقدير الجواب لعلموا صدق الوعد وقيل لو علموه ما أقاموا على الكفر وقال الكسائي هو تنبيه على تحقيق وقوع الساعة أى لو علموه علم يقين لعلموا أن الساعة آتية
الأنبياء : ( 40 ) بل تأتيهم بغتة . . . . .
ويدل عليه قوله ) بل تأتيهم بغتة ( وتخصيص الوجوه والظهور بالذكر بمعنى القدام والخلف لكونهما أشهر الجوانب فى استلزام الإحاطة بها للإحاطة بالكل بحيث لا يقدرون على دفعها من جانب من جوانبهم ومحل حين لا يكفون النصب على أنه مفعول العلم وهو عبارة عن الوقت الموعود الذى كانوا يستعجلونه ومعنى ولا هم ينصرون ولا ينصرهم أحد من العباد فيدفع ذلك عنهم وجملة بل تأتيهم بغتة معطوفة على يكفون أى لا يكفونها بل تأتيهم العدة أو النار أو الساعة بغتة أى فجأة ) فتبهتهم ( قال الجوهري بهته بهتا أخذه بغتا وقال الفراء فتبهتهم أى تحيرهم وقيل فتفجؤهم ) فلا يستطيعون ردها ( أى صرفها عن وجوههم ولا عن ظهورهم فالضمير واجع إلى النار وقيل راجع إلى الوعد بتأويله بالعدة وقيل راجع إلى الحين بتأويله بالساعة ) ولا هم ينظرون ( أى يمهلون ويؤخرون لتوبة واعتذار
الأنبياء : ( 41 ) ولقد استهزئ برسل . . . . .
وجملة ) ولقد استهزئ برسل من قبلك ( مسوقة لتسلية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وتعزيته كأنه قال إن استهزأ بك هؤلاء فقد فعل ذلك بمن قبلك من الرسل على كثرة عددهم وخطر شأنهم ) فحاق بالذين سخروا منهم ( أى أحاط ودار بسبب ذلك بالذين سخروا من أولئك الرسل وهزئوا بهم ) ما كانوا به يستهزؤون ( ما موصولة أو مصدرية أى فأحاط بهم الأمر الذى كانوا يستهزئون به أو فأحاط بهم استهزاؤهم أى جزاؤه على وضع السبب موضع المسبب أو نفس الاستهزاء إن أريد به العذاب الأخروي
الأنبياء : ( 42 ) قل من يكلؤكم . . . . .
) قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن ( أى يحرسكم ويحفظكم والكلاءة الحراسة والحفظ يقال كلأه الله كلأة بالكسر أى حفظه وحرسه قال ابن هرمة
إن سليمى والله يكلؤها ضنت بشئ ما كان يرزؤها
أى قل يا محمد لأولئك المستهزئين بطريق التقريع والتوبيخ من يحرسكم ويحفظكم بالليل والنهار من بأس الرحمن وعذابه الذى تستحقون حلوله بكم ونزوله عليكم وقال الزجاج معناه من يحفظكم من بأس الرحمن
الصفحة 408
509