كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 411 """"""
ورد فى السنة فى صفة الميزان ما فيه كفاية وقد مضى فى الأعراف وفى الكهف فى هذا ما يغني عن الإعادة والقسط صفة للموازين قال الزجاج قسط مصدر يوصف به تقول ميزان قسط وموازين قسط والمعنى ذوات قسط والقسط العدل وقرئ القصط بالصاد والطاء ومعنى ) ليوم القيامة ( لأهل يوم القيامة وقيل اللام بمعنى فى أى فى يوم القيامة ) فلا تظلم نفس شيئا ( أى لا ينقص من إحسان محسن ولا يزاد فى إساءة مسئ ) وإن كان مثقال حبة من خردل ( قرأ نافع وشيبة وأبو جعفر برفع مثقال على أن كان تامة أى إن وقع أو وجد مثقال حبة وقرأ الباقون بنصب المثقال على تقدير وإن كان العمل المدلول عليه بوضع الموازين مثقال حبة كذا قال الزجاج وقال أبو علي الفارسي وإن كان الظلامة مثقال حبة قال الواحدي وهذا أحسن لتقدم قوله فلا تظلم نفس شيئا ومثقال الشئ ميزانه أى وإن كان فى غاية الخفة والحقارة فإن حبة الخردل مثل فى الصغر ) أتينا بها ( قرأ الجمهور بالقصر أى أحضرناها وجئنا بها للمجازاة عليها وبها أى بحبة الخردل وقرأ مجاهد وعكرمة ) آتينا ( بالمد على معنى جازينا بها يقال آتي يؤاتي مؤاتاة جازى ) وكفى بنا حاسبين ( أى كفى بنا محصين والحسب فى الأصل معناه العد وقيل كفى بنا عالمين لأن من حسب شيئا علمه وحفظه وقيل كفى بنا مجازين على ما قدموه من خير وشر
الأنبياء : ( 48 ) ولقد آتينا موسى . . . . .
ثم شرع سبحانه فى تفصيل ما أجمله سابقا بقوله ) وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي ( فقال ) ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ( المراد بالفرقان هنا التوارة لأن فيها الفرق بين الحلال والحرام وقيل الفرقان هنا هو النصر على الأعداء كما فى قوله ) وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان ( قال الثعلبي وهذا القول أشبه بظاهر الآية ومعنى وضياء أنهم استضاءوا بها فى ظلمات الجهل والغواية ومعنى وذكرا الموعظة أى أنهم يتعظون بما فيها وخص المتقين لأنهم الذين ينتفعون بذلك ووصفهم
الأنبياء : ( 49 ) الذين يخشون ربهم . . . . .
بقوله ) الذين يخشون ربهم بالغيب ( لأن هذه الخشية تلازم التقوى ويجوز أن يكون الموصول بدلا من المتقين أو بيانا له ومحل بالغيب النصب على الحال أى يخشون عذابه وهو غائب عنهم أو هم غائبون عنه لأنهم فى الدنيا والعذاب فى الآخرة وقرأ ابن عباس وعكرمة ) ضياء ( بغير واو قال الفراء حذف الواو والمجئ بها واحد واعترضه الزجاج بأن الواو تجئ لمعنى فلا تزاد ) وهم من الساعة مشفقون ( أى وهم من القيامة خائفون وجلون
الأنبياء : ( 50 ) وهذا ذكر مبارك . . . . .
والإشارة بقوله ) وهذا ذكر مبارك ( إلى القرآن قال الزجاج المعنى وهذا القرآن ذكر لمن تذكر به وموعظة لمن اتعظ به والمبارك كثير البركة والخير وقوله ) أنزلناه ( صفة ثانية للذكر أو خبر بعد خبر والاستفهام فى قوله ) أفأنتم له منكرون ( للإنكار لما وقع منهم من الإنكار أى كيف تنكرون كونه منزلا من عند الله مع اعترافكم بأن التوراة منزلة من عنده
الأنبياء : ( 51 ) ولقد آتينا إبراهيم . . . . .
) ولقد آتينا إبراهيم رشده ( أى الرشد اللائق به وبأمثاله من الرسل ومعنى ) من قبل ( أنه أعطى رشده قبل إيتاء موسى وهرون التوراة وقال الفراء المعنى أعطيناه هداه من قبل النبوة أى وفقناه للنظر والاستدلال لما جن عليه الليل فرأى الشمس والقمر والنجم وعلى هذا أكثر المفسرين وبالأول قال أقلهم ) وكنا به عالمين ( أى موضع لإيتاء الرشد وأنه يصلح لذلك
الأنبياء : ( 52 ) إذ قال لأبيه . . . . .
والظرف فى قوله ) إذ قال لأبيه ( متعلق بآتينا أو بمحذوف أى اذكر حين قال وأبوه هو آزر ) وقومه ( نمروذ ومن اتبعه والتماثيل الأصنام وأصل التمثال الشئ المصنوع مشابها لشئ من مخلوقات الله سبحانه يقال مثلث الشئ بالشئ إذا جعلته مشابها له واسم ذلك الممثل تمثال أنكر عليهم عبادتها بقوله ) ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ( والعكوف عبارة عن اللزوم والاستمرار على الشئ واللام فى لها للاختصاص ولو كانت للتعدية لجئ بكلمة على أى ما هذه الأصنام التى أنتم مقيمون على عبادتها وقيل إن العكوف مضمن معنى العبادة
الأنبياء : ( 53 ) قالوا وجدنا آباءنا . . . . .
) قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين (
الصفحة 411
509