كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 412 """"""
أجابوه بهذا الجواب الذى هو العصا التى يتوكأ عليها كل عاجز والحبل الذى يتشبث به كل غريق وهو التمسك بمجرد تقليد الآباء أى وجدنا آباءنا يعبدونها فعبدناها اقتداء بهم ومشيا على طريقتهم وهكذا يجيب هؤلاء المقلدة من أهل هذه الملة الإسلامية وإن العالم بالكتاب والسنة إذا أنكر عليهم العمل بمحض الرأى المدفوع بالدليل قالوا هذا قد قال به إمامنا الذى وجدنا آباءنا له مقلدين وبرأيه آخذين وجوابهم هو ما أجاب به الخليل ها هنا
الأنبياء : ( 54 ) قال لقد كنتم . . . . .
) قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين ( أى فى خسران واضح ظاهر لا يخفى على أحد ولا يلتبس على ذى عقل فإن قوم إبراهيم عبدوا الأصنام التى لا تضر ولا تنفع ولا تسمع ولا تبصر وليس بعد هذا الضلال ضلال ولا يساوي هذا الخسران خسران وهؤلاء المقلدة من أهل الإسلام استبدلوا بكتاب الله وبسنة رسوله كتابا قد دونت فيه اجتهادات عالم من علماء الإسلام زعم أنه لم يقف على دليل يخالفها إما لقصور منه أو لتقصير فى البحث فوجد ذلك الدليل من وجده وأبرزه واضح المنار كأنه علم فى رأسه نار
وقال هذا كتاب الله أو هذه سنة رسوله وأنشدهم
دعوا كل قول عند قول محمد فما آمن فى دينه كمخاطر
فقالوا كما قال الأول
ما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وان ترشد غزية أرشد
وقد أحسن من قال
يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ومنهج الحق له واضح
الأنبياء : ( 55 ) قالوا أجئتنا بالحق . . . . .
ثم لما سمع أولئك مقالة الخليل ) قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين ( أى أجاد أنت فيما تقول أم أنت لاعب مازح قال مضربا عما بنوا عليه مقالتهم من التقليد
الأنبياء : ( 56 ) قال بل ربكم . . . . .
) بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن ( أى خلقهن وأبدعهن ) وأنا على ذلكم ( الذى ذكرته لكم من كون ربكم هو رب السموات والأرض دون ما عداه ) من الشاهدين ( أى العالمين به المبرهنين عليه فإن الشاهد على الشئ هو من كان عالما به مبرهنا عليه مبينا له
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج أحمد والترمذي وابن جرير فى تهذيبه وابن المنذر وابن أبى حاتم وابن مردويه والبيهقى فى الشعب عن عائشة أن رجلا قال يا رسول الله إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأضربهم وأشتمهم فكيف أنا منهم فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم فإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك وإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا عليك ولا لك وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل فجعل الرجل يبكي ويهتف فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أما تقرأ كتاب الله ) ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ( فقال له الرجل يا رسول الله ما أجد لي ولهم خيرا من مفارقتهم أشهدك أنهم أحرار رواه أحمد هكذا حدثنا أبو نوح الأقراد أخبرنا ليث بن سعد عن مالك بن أنس عن الزهرى عن عروة عن عائشة فذكره وفى معناه أحاديث وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ) ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء ( وأخرج عبد بن حميد عن أبى صالح ) ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ( قال التوراة وأخرج ابن جرير عن قتادة نحوه وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال ) الفرقان ( الحق وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن قتادة ) وهذا ذكر مبارك ( أى القرآن وأخرج ابن أبى شيبة

الصفحة 412