كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 420 """"""
على ما قبله والعامل فيه : إما المذكور أو المقدر كما مر والعامل في الظرف وهو إذ نادى ربه هو العامل في أيوب أني مسني الضر أي بأني مسني الضر . وقرئ بكسر إني . واختلف في الضر الذي نزل به ماذا هو فقيل إنه قام ليصلي فلم يقدر على النهوض وقيل إنه أقر بالعجز فلا يكون ذلك منافيا للصبر وقيل انقطع الوحي عنه أربعين يوما وقيل إن دودة سقطت من لحمه فأخذها وردها في موضعها فأكلت منه فصاح مسني الضر وقيل كان الدود تناول بدنه فيصبر حتى تناولت قلبه وقيل إن ضره قول إبليس لزوجته اسجدي لي فخاف ذهاب إيمانها وقيل إنه تقذره قومه وقيل أراد بالضر الشماتة وقيل غير ذلك . ولما نادى ربه متضرعا إليه وصفه بغاية الرحمة فقال : وأنت أرحم الراحمين .
الأنبياء : ( 84 ) فاستجبنا له فكشفنا . . . . .
فأخبر الله سبحانه باستجابته لدعائه فقال : فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر أي شفاه الله مما كان به وأعاضه بما ذهب عليه ولهذا قال سبحانه : وآتيناه أهله ومثلهم معهم قيل تركهم الله عز وجل له وأعطاه مثلهم في الدنيا . قال النحاس : والإسناد بذلك صحيح وقد كان مات أهله جميعا إلا امرأته فأحياهم الله في أقل من طرف البصر وآتاه مثلهم معهم وقيل كان ذلك بأن ولد له ضعف الذين أماتهم الله فيكون معنى الآية على هذا : آتيناه مثل أهله ومثلهم معهم وانتصاب رحمة من عندنا على العلة : أي آتيناه ذلك لرحمتنا له وذكرى للعابدين أي وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر . واختلف في مدة إقامته على البلاء : فقيل سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ليال وقيل ثلاثين سنة وقيل ثماني عشرة سنة . سورة الأنبياء الجزء : 3 الصفحة : 601 85
الأنبياء : ( 85 ) وإسماعيل وإدريس وذا . . . . .
وإسماعيل وإدريس وذا الكفل أي واذكر هؤلاء وإدريس هو أخنوخ وذا الكفل إلياس وقيل يوشع بن نون وقيل زكريا . والصحيح أنه رجل من بني إسرائيل كان لا يتورع عن شيء من المعاصي فتاب فغفر الله له وقيل إن اليسع لما كبر قال : من يتكفل لي بكذا وكذا من خصال الخير حتى استخلفه فقال رجل أنا فاستخلفه وسمي ذا الكفل . وقيل كان رجلا يتكفل بشأن كل إنسان إذا وقع في شيء من المهمات وقيل غير ذلك . وقد ذهب الجمهور إلى أنه ليس بنبي . وقال جماعة : هو نبي . ثم وصف الله سبحانه هؤلاء بالصبر فقال : كل من الصابرين أي كل واحد من هؤلاء من الصابرين على القيام بما كلفهم الله به . 86
الأنبياء : ( 86 ) وأدخلناهم في رحمتنا . . . . .
وأدخلناهم في رحمتنا أي في الجنة أو في النبوة أو في الجير على عمومه ثم علل ذلك بقوله : إنهم من الصالحين أي الكاملين في الصلاح . 8
الأنبياء : ( 87 ) وذا النون إذ . . . . .
وذا النون أي واذكر ذا النون وهو يونس بن متى ولقب ذا النون لابتلاع الحوت له فإن النون من أسماء الحوت وقيل سمي ذا النون لأنه رأى صبيا مليحا فقال دسموا نونته لئلا تصيبه العين . وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي أن نونة الصبي هي الثقبة التي تكون في ذقن الصبي الصغير ومعنى دسموا سودوا إذ ذهب مغاضبا أي اذكر ذا النون وقت ذهابه مغاضبا : أي مراغما . قال الحسن والشعبي وسعد بن جبير : ذهب مغاضبا لربه واختاره ابن جرير والقتيبي والمهدوي . وحكى عن ابن مسعود : قال النحاس : وربما أنكر هذا من لا يعرف اللغة وهو قول صحيح . والمعنى : مغاضبا من أجل ربه كما تقول غضبت لك : أي من أجلك . وقال الضحاك : ذهب مغاضبا لقومه . وحكى عن ابن عباس : وقالت فرقة منهم الأخفش : إنما خرج مغاضبا للملك الذي كان في وقته واسمه حزقيا وقيل لم يغاضب ربه ولا قومه ولا الملك ولكنه مأخوذ من غضب إذا أنف وذلك أنه لما وعد قومه بالعذاب وخرج عنهم تابوا وكشف الله عنهم العذاب فلما رجع وعلم أنهم لم يهلكوا أنف من ذلك فخرج عنهم ومن استعمال الغضب في هذا المعنى قول الشاعر :
الصفحة 420
509