كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 422 """"""
فلا يدغم فيها ثم قال النحاس : لم أسمع في هذا أحسن من شيء سمعته من علي بن سليمان الأخفش قال : الأصل ننجي فحذف إحدى النوتين لاجتماعهما كما يحذف إحدى التاءين لاجتماعهما نحو قوله تعالى : ولا تفرقوا والأصل ولا تتفرقوا . قلت : وكذا الواحدي عن أبي علي الفارسي أنه قال : إن النون الثانية تخفى مع الجيم ولا يجوز تبيينها فالتبس على السامع الإخفاء بالإدغام فظن أنه إدغام ويدل على هذا إسكانه الياء من نجى ونصب المؤمنين ولو كان على ما لم يسم فاعله ما سكن الياء ولوجب أن يرفع المؤمنين . قلت : ولا نسلم قوله إنه لا يجوز تبيينها فقد بينت في قراءة الجمهور وقرأ محمد بن السميفع وأبو العالية وكذلك نجى المؤمنين على البناء للفاعل : أي نجى الله المؤمنين .
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن جرير عن مرة في قوله : إذ يحكمان في الحرث قال : كان الحرث نبتا فنقشت فيه ليلا فاختصموا فيه إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب الحرث فمروا على سليمان فذكروا ذلك له فقال : لا تدفع الغنم فيصيبون منها ويقوم هؤلاء على حرثهم فإذا كان كما كان ردوا عليهم فنزلت ففهمناها سليمان وقد روي هذا عن مرة عن ابن مسعود . وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن مسعود في قوله : وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث قال : كرم قد أنبتت عناقيده فأفسدته الغنم فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان : غير هذا يا نبي الله قال : وما ذاك قال : يدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان دفعت الكرم إلى صاحبه والغنم إلى صاحبيها فذلك قوله : ففهمناها سليمان . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مسروق نحوه . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه ولكنه لم يذكر الكرم . وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عنه نحوه بأطول منه . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا نفشت قال : رعت . وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن حرام بن محيصة : أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدت فيه فقضى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها وقد علل هذا الحديث وقد بسطنا الكلام عليه في شرح المنتقي . وأخرج ابن مردويه من حديث عائشة نحوه . وزاد في آخره ثم تلا هذه الآية وداود وسليمان الآية . وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : بينما امرأتان معهما ابنان جاء الذئب فأخذ أحد الاثنين فتحاكما إلى داود فقضى به للكبرى فخرجتا فدعاهما سليمان فقال : هاتوا السكين أشقه بينهما فقالت الصغرى : رحمك الله هو ابنها لا تشقه فقضى به للصغرى . وهذا الحديث وإن لم يكن داخلا فيما حكته الآية من حكمهما لكنه من جملة ما وقع لهما . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله : وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير قال : يصلين مع داود إذا صلى وعلمناه صنعة لبوس لكم قال : كانت صفائح فأول من سردها وحلقها داود عليها السلام . وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كان سليمان يوضع له ستمائة ألف كرسي ثم يجيء أشراف الإنس فيجلسون مما يليه ثم يجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي أشراف الإنس ثم يدعوا الطير فتظلم ثم يدعو الريح فتحملهم تسير مسيرة شهر في الغداة الواحدة . وأخرج ابن عساكر والديلمي وابن النجار عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : قال الله لأيوب : تدري ما جرمك
الصفحة 422
509