كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 426 """"""
على أنه الخبر ونصب أمة على الحال كما قدمنا . وقال الفراء : والزجاج على القطع بسبب مجيء النكرة بعد تمام الكلام وأنا ربكم فاعبدون خاصة لا تعبدوا غير كائنا ما كان . 93
الأنبياء : ( 93 ) وتقطعوا أمرهم بينهم . . . . .
وتقطعوا أمرهم بينهم أي تفرقوا فرقا في الدين حتى صار كالقطع المتفرقة . . وقال الأخفش : اختلفوا فيه وهو كالقول الأول . قال الأزهري : أي تفرقوا في أمرهم فنصب أمرهم بحذف في والمقصود بالآية المشركون ذمهم الله بمخالفة الحق واتخاذهم آلهة من دون الله وقيل المراد جميع الخلق وأنهم جعلوا أمرهم في أديانهم قطعا وتقسموه بينهم فهذا موحد وهذا يهودي وهذا نصراني وهذا مجوسي وهذا عابد وثن . ثم أخبر سبحانه بأن مرجع الجميع إليه فقال : كل إلينا راجعون أي كل واحد من هذه الفرق راجع إلينا بالبعث لا إلى غيرنا . 94
الأنبياء : ( 94 ) فمن يعمل من . . . . .
فمن يعمل من الصالحات أي من يعمل بعض الأعمال الصالحة لا كلها إذ لا يطيق ذلك أحد وهو مؤمن بالله ورسله واليوم الآخر فلا كفران لسعيه أي لا جحود لعمله ولا تضييع لجزائه والكفر ضد الإيمان والكفر أيضا جحود النعمة وهو ضد الشكر يقال كفر كفورا وكفرانا وفي قراءة ابن مسعود فلا كفر لسعيه وإنا له كاتبون أي لسعيه حافظون ومثله قوله سبحانه : أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى . 95
الأنبياء : ( 95 ) وحرام على قرية . . . . .
وحرام على قرية أهلكناها . قرأ زيد بن ثابت وأهل المدينة وحرام وقرأ أهل الكوفة وحرم وقد اختار القراءة الأولى أبو عبيد وأبو حاتم ورويت القراءة الثانية عن علي وابن مسعود وابن عباس : وهما لغتان مثل حل وحلال . وقرأ سعيد بن جبير وحرم بفتح الحاء وكسر الراء وفتح الميم . وقرأ عكرمة وأبو العالية حرم بضم الراء وفتح الحاء والميم ومعنى أهلكناها قدرنا إهلاكها وجملة أنهم لا يرجعون في محل رفع على أنه مبتدأ وخبره حرام أو على أنه فاعل له ساد مسد خبره . والمعنى : وممتنع ألبتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء وقيل إن لا في لا يرجعون زائدة : أي حرام على قرية أهلكناها أن يرجعوا بعد الهلاك إلى الدنيا واختار هذا أبو عبيدة وقيل إن لفظ حرام هنا بمعنى الواجب : أي واجب على قرية ومنه قول الخنساء : وإن حراما لا أرى الدهر باكيا على شجوه إلا بكيت على صخر وقيل حرام : أي ممتنع رجوعهم إلى التوبة على أن لا زائدة . قال النحاس : والآية مشكلة ومن أحسن ما قيل فيها وأجله ما رواه ابن عيينة وابن علية وهشيم وابن إدريس ومحمد بن فضل وسليم بن حبان ومعلى عن داود بن أبي الهند عن عكرمة عن ابن عباس في معنى الآية قال : واجب أنهم لا يرجعون : أي لا يتوبون . قال الزجاج وأبو علي الفارسي : إن في الكلام إضمارا أي وحرام على قرية حكمنا باستئصالها أو بالختم على قلوب أهلها أن يتقبل منهم عمل لأنهم لا يرجعون أي لا يتوبون . 96
الأنبياء : ( 96 ) حتى إذا فتحت . . . . .
حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج حتى هذه هي التي يحكى بعدها الكلام على حذف المضاف وقيل إن حتى هذه هي التي للغاية . والمعنى : أن هؤلاء المذكورين سابقا مستمرون على ما هم عليه إلى يوم القيامة وهي يوم فتح سد يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون الضمير ليأجوج ومأجوج والحدب كل أكمة من الأرض مرتفعة والجمع أحداب مأخوذ من حدبة الأرض ومعنى ينسلون يسرعون وقيل يخرجون . قال الزجاج : والنسلان مشية الذئب إذا أسرع . يقال نسل فلان في العدو ينسل بالكسر والضم نسلا ونسولا ونسلانا : أي أن يأجوج ومأجوج من كل مرتفع من الأرض يسرعون المشي وتفرقون في الأرض وقيل الضمير في قوله : وهم لجميع الخلق والمعنى أنهم يحشرون إلى أرض الموقف وهم يسرعون من كل مرتفع من الأرض . وقرئ بضم السين . حكى ذلك المهدوي عن ابن مسعود . وحكى هذه القراءة أيضا الثعلبي عن مجاهد وأبي الصهباء . 9
الأنبياء : ( 97 ) واقترب الوعد الحق . . . . .
واقترب الوعد عطف على فتحت والمراد ما بعد الفتح من الحساب .

الصفحة 426