كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 430 """"""
مفعول نعيد مقدرا يفسره نعيده المذكور أو مفعول ل بدأنا وما كافة أو موصولة والكاف متعلقة بمحذوف أي نعيد مثل الذي بدأناه نعيده وعلى هذا الوجه يكون أول ظرف لبدأنا أو حال وإنما خص أول الخلق بالذكر تصويرا للإيجاد عن العدم والمقصود بيان صحة الإعادة بالقياس على المبدأ لشمول الإمكان الذاتي لهما وقيل معنى الآية : نهلك كل نفس كما كان أول مرة وعلى هذا فالكلام متصل بقوله : يوم نطوي السماء وقل المعنى نغير السماء ثم نعيدها مرة أخرى بعد طيها وزوالها والأول أولى وهو مثل قوله : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ثم قال سبحانه : وعدا علينا إنا كنا فاعلين انتصاب وعدا على أنه مصدر : أي وعدنا وعدا علينا إنجازه والوفاء به . وهو البعث والإعادة ثم أكد سبحانه ذلك بقوله : إنا كنا فاعلين قال الزجاج : معنى إنا كنا فاعلين : إنا كنا قادرين على ما نشاء وقيل إنا كنا فاعلين ما وعدناكم ومثله قوله كان وعده مفعولا . 105
الأنبياء : ( 105 ) ولقد كتبنا في . . . . .
ولقد كتبنا في الزبور الزبر في الأصل الكتب يقال زبرت : أي كتبت وعلى هذا يصح إطلاق الزبور على التوراة والإنجيل وعلى كتاب داود المسمى بالزبور وقيل المراد به هنا كتاب داود ومعنى من بعد الذكر أي اللوح المحفوظ وقيل هو التوراة : أي والله ولقد كتبنا في كتاب داود من بعد ما كتبنا في التوراة أو من بعد ما كتبنا في اللوح المحفوظ أن الأرض يرثها عبادي الصالحون . قال الزجاج : الزبور جمع الكتب : التوراة والإنجيل والقرآن لأن الزبور والكتاب في معنى واحد يقال زبرت وكتبت ويؤيد ما قاله قراءة حمزة في الزبور بضم الزاي فإنه جمع زبر . وقد اختلف في معنى يرثها عبادي الصالحون فقيل المراد أرض الجنة واستدل القائلون بهذا بقوله سبحانه : وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض وقيل هي الأرض المقدسة وقيل هي أرض الأمم الكافرة يرثها نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وأمته بفتحها وقيل المراد بذلك بنو إسرائيل بدليل قوله سبحانه : وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها والظاهر أن هذا تبشير لأمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بوراثة أرض الكافرين وعليه أكثر المفسرين . وقرأ حمزة عبادي بتسكين الياء وقرأ الباقون بتحريكها . 106
الأنبياء : ( 106 ) إن في هذا . . . . .
(إن في هذا لبلاغا ) أي فيما جرى ذكره في هذه السورة من الوعظ والتنبيه لبلاغا لكفاية يقال في هذا الشيء بلاغ وبلغة وتبليغ : أي كفاية وقيل الإشارة بقوله : إن في هذا إلى القرآن لقوم عابدين أي مشغولين بعبادة الله مهتمين بها والعبادة هي الخضوع والتذلل وهم أمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ورأس العبادة الصلاة . 10
الأنبياء : ( 107 ) وما أرسلناك إلا . . . . .
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين أي وما أرسلناك يا محمد بالشرائع والأحكام إلا رحمة لجميع الناس والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال والعلل : أي ما أرسلناك لعلة من العلل إلا لرحمتنا الواسعة فإن ما بعثت به سبب لسعادة الدارين . قيل ومعنى كونه رحمة للكفار : أنهم أمنوا به من الخسف والمسخ والاستئصال : وقيل المراد بالعالمين المؤمنون خاصة والأول أولى بدليل قوله سبحانه : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم . ثم بين سبحانه أن أصل تلك الرحمة هو التوحيد والبراءة من الشرك فقال : 108
الأنبياء : ( 108 ) قل إنما يوحى . . . . .
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد إن كانت ما موصولة فالمعنى : أن الذي يوحى إلي هو أن وصفه تعالى مقصور على الوحدانية لا يتجاوزها إلى ما يناقضها أو يضادها وإن كانت ما كافة فالمعنى : أن الوحي إلي مقصور على استئثار الله بالوحدة ووجه ذلك أن القصر أبدا يكون لما يلي إنما فإنما الأولى لقصر الوصف على الشيء كقولك إنما يقوم زيد : أي ما يقوم إلا زيد . والثانية لقصر الشيء على الحكم كقولك إنما زيد قائم : أي ليس به إلا صفة القيام فهل أنتم مسلمون منقادون مخلصون للعبادة ولتوحيد الله سبحانه . 109
الأنبياء : ( 109 ) فإن تولوا فقل . . . . .
(فإن تولوا )أي أعرضوا عن الإسلام فقل لهم آذنتكم على سواء أي أعلمتكم

الصفحة 430